في مقالي الذي كتبته اليوم عن عجز الميزان التجاري والذي جاء تحت عنوان “بعيدا عن اهتمامات الحكومة والبنك المركزي…تواصل تفاقم عجز الميزان التجاري” اعتمدت العجز الحقيقي للميزان التجاري خلال التسعة أشهر الأولى من السنة الجارية والذي بلغ 17 مليار دينار وذلك حسب الطريقة المعتمدة في النسخة السادسة لصندوق النقد الدولي لاحتساب عجز ميزان الدفوعات وهي طريقة تفصل بين المبادلات التجارية للشركات غير المقيمة الناشطة في اطار المناولة والمبادلات التجارية للشركات المقيمة.
وحسب طريقة احتساب صندوق النقد الدولي فان العجز الحقيقي هو ذلك الذي يفصل بين المبادلات التجارية للشركات المقيمة والمبادلات التجارية للشركات غير المقيمة وذلك باعتبار أن مداخيل صادرات الشركات غير المقيمة والخاضعة لنظام التصدير الكلي لا تسترجع وليس لها تأثير على احتياطنا من العملة الصعبة لأن المنتوج المصدر هو غير تونسي رغم أن يدا عاملة تونسية قامت بتجميعه بل هو ملك للشركة الأجنبية الأم المتواجدة في أوروبا وبعثت مصنعا في تونس للاستفادة من اليد العاملة الرخيصة لتدعيم قدرتها التنافسية.
ولئن نجد في نشرية المعهد الوطني للإحصاء العجز التجاري حسب أنظمة التصدير أي نظام التصدير الكلي والنظام العام الا أن المعهد يحاول التركيز أو الإفصاح عن عجز غير حقيقي وهو 10 مليار دينار وليس 17 مليار دينار باعتبار أن البنك المركزي يصر على تأجيل اعتماد النسخة السادسة رغم أن الاتحاد الأوروبي يطبقها منذ سنة 2010.
الإصرار على عدم اعتماد النسخة السادسة لاحتساب ميزان الدفوعات له خلفية سياسية خطيرة لأنه في اعتماد النسخة السادسة فضح لحقيقة المبادلات التجارية مع الاتحاد الأوروبي وخاصة مع فرنسا حيث تبرز الطريقة الخاطئة التي ترتقي الى مستوى التدليس أن الصادرات التونسية نحو فرنسا تفوق وارداتنا من فرنسا وفي هذا مغالطات لأن ثلثي ما نصدره لفرنسا هو من قبل الشركات غير المقيمة الناشطة في اطار المناولة وهي أساسا الشركات التي تنتمي لقطاع النسيج والملابس وقطاع الصناعات الميكانيكية والكهربائية.