تعرض اليوم زميلنا رئيس بلدية ساقية سيدي يوسف لحادث على الطريق X في تونس العاصمة بعد تصادم 4 سيارات ببعضها وجد نفسه وسطهم. و قد اتصل بي في الحين حيث نصحته بالتوجه الى مركز المرور بالطريق X للقيام بمحضر في الغرض وعرضت عليه المساعدة لنقل السيارة الى مكان آمن و اني سألتحق به.
لكن الغريب في دولة الغرائب أن عند وصوله للمركز
تلقائيا و بشكل عادي، وجد نفسه متهم بأن ابنته
هي التي كانت تقود السيارة حسب نشرية في الفايس بوك تقول انه “يبدو” أن ابنة رئيس البلدية هي التي كانت تقود السيارة، وأن الفايس بوك “خايض” وعليه وجب التريث في أخذ أقوال رئيس البلدية والتحفظ على الفتاة والضغط عليها للاعتراف وتحرير محضر في الغرض.
ذهبت في الحال للمركز المعني لتقديم يد المساعدة أين وجدت أن سائقين من أصل 3 من الذين قاموا بالحادث حضروا للمركز وشهدوا أن رئيس البلدية هو الذي كان يقود السيارة. ورغم ذلك فإنني كنت شاهدا بنفسي على الضغط الذي مورس على أعوان المركز لتتبع رئيس البلدية خوفا من الفايس بوك. وإحقاقا للحق لابد بالتنويه بحرفية واستقامة رئيس المركز الذي لم يخضع لهاته الهرسلة وتابع العمل بهدوء ومسؤولية حتى حضر السائق الثالث وقام الجميع بمعاينة بين بعضهم البعض وتم اجراء محضر معاينة تأمين الحادث.
خلاصة الأمر أننا وصلنا الى درجة من انحطاط الدولة وتفككها أن الفايس بوك أصبح السلطة التنفيذية والحاكم والمدعي العام والجلاد، يرتعش منه المسؤولين خوفا لأنهم لا يتحملون مسؤولياتهم فيسعون جاهدين لعدم اثارة الرأي العام في أي موضوع وترضيته حتى في الباطل.
أصبحنا في دولة بلغت فيها الممارسة السياسية أدنى دراجات الرداءة والنذالة بحيث أصبح الجميع (أقول الجميع) دون استثناء يمتهنون شهادة الزور والكذب والادعاء بالباطل والثلب ضد خصومهم من خلال هذه الصفحات الملعونة التي تنخر في قلب الوطن نخرا.
في النشرية المضللة ادعوا باطلا على الرجل وابنته عساههم يصنعوا قضية رأي عام، و قدّموا صورة ابنته قرب باب السائق (و ليس خلف المقود) للإيهام بأنها كانت تقود، في حين أنها كانت تعاين مذهولة كيف نجى والدها و عائلتها بأعجوبة من تلك الضربة.
من حسن حظ زميلنا أن الحادثة كانت مع سيارات أخرى وأنه تم تحرير معاينة تأمين في الغرض مما لا يجعل أي مجال للشك في ما حصل، وإلا لو تم تحرير محضر شرطة لقيل بعدها أنه تم التلاعب بالمحضر وتغييره، ولو كان الحادث فرديا و بدون شهودا لقيل تم الضغط عليهم لتغيير أقوالهم، ولكن بما أن الحادث جماعي شمل 3 سيارات أخرى غير سيارة رئيس البلدية فإن المعاينة تمت بين الضحايا بعيدا عن الشرطة والسلطة وقطع الطريق نهائيا أمام آلات الكذب والزور لمزيد المغالطة في هذا الملف.
لك الله يا تونس. وقتاش يهدينا ربي الناس الكل وانّحيو هالصنعة الفاسدة. ما تحبش النهضة والا الدستوري الحر والا التيار حقك. انقد كيما اتحب وناقش كيما تحب. أما نعملوا ألاف الصفحات باش نسبو زيد و الا عمر والا نكذبو على حدّ خاطرو نهضاوي أو دستوري والا نسلخوا واحد خاطرو قلب تونس، عيب وأكبر عيب، وسكوت رؤساء الأحزاب على هذه الممارسات يعتبر مساندة لهم ومشاركة.