15 اكتوبر.. مثل كل عام يحتفلون بعيد الجلاء.. ما بعد معركة بنزرت..
يكفينا فخرا.. أننا من صلب رجل قاتل فرنسا الاستعمارية ببندقيته…ورابط، وجاهد…
يكفينا شرفا أننا من نسل وطني حارب من أجل وطنه.. وأطلق الرصاص اياما بلياليها ضد جنود الاحتلال…
يكفينا انه أبونا.. ذاك الذي أسره جيش فرنسا بعد أن انتهت ذخيرة سلاحه..
أسروه مرفوع الهامة… منتصب القامة..
وما أسروه لولا فناء الذخيرة..
تلك الصور تخبر عن أطوار أسره.. في ثيابه الرثة، ولحيته المرسلة، ورفقته من الابطال…
هكذا حدثني..
وقال:”.. البعض قاتل بشرف كأبطال الملاحم… استشهد رجال الرجال… جرح كثير من جنودنا… لكن البعض فر من المعركة.. القى سلاحه جبنا.. ونزع ادباش العسكرية.. وتنكر في زي المدنيين.. افزعتهم الطائرات وهي تدكنا دكا في جبل الناظور.. استشهد من كتيبتي أنا 40 مقاتلا.. بفعل القصف الوحشي… تراجعنا الى المدينة المنكوبة…
كانت الجثث في كل مكان.. تراجعنا الى ثكنة المنقالة.. هنالك دارت معركة عنيفة مع الكوموندس الفرنسي..
انتهت ذخيرتنا ولا مدد…. ولا دواء رلا مؤونة..
أسر العدو من بقي حيا وكنت من بينهم.. اتخذونا أسرى حرب…
احتجزوني انا وبعض رفاقي اياما في صخرة داخل البحر… عراة ، جياعا..
ثم جمعونا في محتشد داخل المطار العسكري بسيدي احمد..
بعد اشهر… رايت من فر من ارض المعركة.. الجبناء رايتهم يعلقون النياشين والأوسمة قبلي أنا.. ثم نسوني أنا في احتفالاتهم بعيد الجلاء..
ثم رأيت أبناء الصبايحية.. وقوادة فرنسا.. وحزب فرنسا.. رأيتهن يحتفلون كل عام في مقبرة الشهداء.. يحتفلون بالموتى… على انغام النشيد الرسمي والعزف العسكري الحزين.. وبقيت أنا منفيا.. أعلق وسام الجلاء في صدري.. متفيا لانني اطلقت الرصاص ضد جنود فرنسا.. وعادت حليمة الى عادتها القديمة… يستبعد الشرفاء.. ويقرب أهل النذالة.. “.
هكذا حدث أبي رحمه الله..
وأقسم بالله انني ما نقلت الا شهادة صدق.. بلا زيف..
انه التاريخ المنسي، ذاك الذي لا يكتب في كتب المؤرخين.
المعز الحاج منصور