يمكن اعتبار أن صفحة رفع التجميد عن أعمال البرلمان قد طويت نهائيا، بعد تخلي الأحزاب المناهضة لقيس سعيد عن مطلب العودة للعمل البرلماني،وتغيرت مطالبها إلى الدعوة إلى إجراء انتخابات تشريعية مبكرة ،وهو ما يعني حل مجلس نواب الشعب الحالي، محور الصراع السياسي اليوم بين رئيس الجمهورية قيس سعيد والأحزاب المناهضة له، أضحى يرتبط بكيفية إجراء انتخابات تشريعية قادمة وبالقانون التي ستنتظم وفقه.وأصبحت طبيعة التمثيلية البرلمانية الفصل الأهم في حرب أضحت فيها معظم الأطياف السياسية التي أزيحت من السلطة التشريعية بقرارات 25 جويلية، تقبل قرار حل البرلمان ولكنها تطالب باجراء انتخابات برلمانية وفق القانون الحالي، قبل تعديله من طرف سعيد الحالم بارساء ديمقراطية البناء القاعدي. وتتعلق طموحات قيس سعيد ورفاقه في مشروعه السياسي بصياغة قانون انتخابي يتم وفقه التصويت في الانتخابات البرلمانية، التصويت على الأفراد لا على القائمات وتُفرز مجالس محلية في كل المعتمديات ومجلسا وطنيا شعبيا يضم ممثلين عن المجالس المحلية وتكون فيه التمثيلية البرلمانية على أساس الانتماء للجهات والمناطق وليس الانتماء للأحزاب. ولا تقبل الأحزاب السياسية طرح قيس سعيد وتعتبره استهدافا لها وللعمل الحزبي في تونس، وتشبهه باللجان الشعبية التي أرساها الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي، وتعلن تمسكها بمجلس نواب الشعب وبالتمثيلية البرلمانية في صيغتها الحالية وتحبذ إجراء انتخابات برلمانية بالقانون المنظم للانتخابات في صيغته الحالية. وفي خضم هذه الاختلافات،أصبح القانون الانتخابي في “قلب الرحى” ومحركا أساسيا لمواقف أطراف النزاع السياسي في تونس، فمشروع سعيد يستعد إلى اقتراح “ديمقراطية القرب” في الحوار الوطني المرتقب من خلال تعديل القانون الانتخابي وصياغة قانون جديد يؤسس لديمقراطية البناء القاعدي أو ما يسمى بالديمقراطية المجالسية، لكن يتمسك المناوؤون له بالقانون الانتخابي الذي انتظمت وفقه انتخابات 2014 و2019 مع ادخال تعديلات طفيفة عليه وتتعلق بالعتبة الانتخابية.