تمرّ، اليوم الأربعاء، 44 سنة على أحداث 26 جانفي 1978 أو ما يعرف ب”الخميس الأسود” الذي شكل مرحلة فارقة من تاريخ تونس ومن تاريخ الاتحاد العام التّونسي للشغل.
تحوّل هذا اليوم من إضراب عام أعلنته قيادة الاتحاد العام التونسي للشغل إلى حالة شعبية رافضة لسياسات حكم الرئيس الأسبق الراحل الحبيب بورقيبة وخياراته بعد تدهور الأوضاع الاجتماعية والسياسية، أواخر السبعينات، إلى صدامات ومواجهات دامية بين المحتجين من النقابيين أساسا والسلطات الأمنية والعسكرية.
وقد شهدت العلاقة بين الحزب الدستوري الحاكم واتحاد الشغل تصدعا حادا، بداية من السبعينات، نتيجة مطالب عمالية ونقابية وسياسة التصعيد التي انتهجها نظام بورقيبة، خاصة، بإعلان الاتحاد الإضراب العام، يوم 26 جانفي 1978، إثر انعقاد مجلسه الوطني، أيام 8 و9 و10 جانفي 1978، ليشهد هذا التّاريخ دخول الجيش الوطني، لأول مرة في تاريخ تونس الحديث، على ركح الأحداث السياسية وكطرف لفض النزاع المدني بين الحكومة والمنظمة النقابية، وهو ما أسفر عن “الخميس الأسود”.
وتؤكد تقارير مستقلة أن حوالي 400 شهيد سقطوا في الأحداث وجُرح أكثر من ألف مواطن، نتيجة المواجهات بين الجيش والأمن من جهة والمتظاهرين من جهة أخرى، في حين أقرت حكومة الهادي نويرة بسقوط 52 شهيدا و365 جريحا فقط.
كما شهد “الخميس الأسود” حملة اعتقالات واسعة في صفوف النقابيين على المستوى الجهوي والمركزي.
ووفق القيادي بحزب العمال الجيلاني الهمامي في مقال نشره بصوت الشّعب فإن الزيارة التي كان أداها الوفد النقابي بقيادة الحبيب عاشور إلى ليبيا، ما بين 14 و17 ماي 1977، شكّلت نقطة انطلاق الازمة. وأثارت هذه الزيارة كثيرا من القلق لدى الوزير الأول الهادي نويرة وبدأ الخطاب النقابي يأخذ منحى متجذرا حيال الصعوبات الاجتماعية ومظاهر سوء التصرف وخاصة الزيادات الكبيرة التي شهدتها الأسعار في ربيع وصائفة 1977.
كما تفاقمت الازمة بفعل الأحكام الصادرة في حق بعض النقابيين والمشاركين في مظاهرة كانت جدّت بصفاقس يوم 9 سبتمبر 1977 وخاصة على إثر أحداث قصر هلال ومنزل بورقيبة موفى شهر أكتوبر التي جرت خلالها مواجهات عنيفة بين أعوان البوليس والجيش من جهة والعمال وأهالي هاتين المدينتين من جهة ثانية، بحسب ذات المصدر.