البنك الفرنسي التونسي BFT.. الاحتيال والخيانة ونهب المال العام..

تونس_بلاقناع

فضيحة القرن في تونس، من سرق خزينة الدولة من البنك العمومي BFT؟ كيف سرق كبار الأثرياء مستقبل أجيال؟ من شطب ديون القروض المتفحمة.. ؟
ليست المرة التي أكتب أنا ونشطاء اخرون عن أكبر ملف فساد في تاريخ الدولة التونسية المعاصرة.
لقد استطاع 50 رجل أعمال من كبار الاثرياء ان يتحصلوا على قروض من خزينة البنك العمومي دون ضمانات… ثم لم يسددوا تلك القروض منذ عام 1987 الى اليوم.. وعجزت كل الحكومات عن استرداد حقوق شعب منهوب.
إنها قضية البنك الفرنسي التونسي، كيف أمكن لمستثمر أن يدفع 3 مليون دولار لبنك تونسي ،ثم يجني أرباحا بعد 30 عاما تعادل ميزانية دولة بثروة قيمتها 1000 مليون دولار.
هل سمعتم يوما ان مبلغ 3 مليون توالد في الاستثمار فأصبح 1000 مليون؟
إنها ثروة خيالية نهبها محامي في هيئة مستثمر من المال العام للشعب التونسي باسم القانون، مؤسف أن نعيد الكتابة حول ملف البنك الفرنسي التونسي bft وهو بنك عمومي تونسي ملك للدولة بل هو أقدم بنك في تونس ،لكن لا حياة لمن تنادي… اذا كانوا هم جميعا متواطؤون بالصمت والسكوت.
استطاع مستثمر تونسي يدعى عبد المجيد بودن أن يريح قضية ضد الدولة التونسية في المحاكم الدولية وأن يفرض عليها عقلة يطالب بمقتضاها أن يحصل على ما يعادل 3000 مليار بالدينار التونسي عن خطايا تناهز 2000 مليار ضربة واحدة؟
انها أكبر فضيحة في تاريخ الدولة التونسية منذ قرن ونصف ،منذ ما قبل الاحتلال الفرنسي لتونس عام 1881، نسترجع هنا في الذاكرة تاريخ السرقات الكبرى للمالية العمومية بدءا من نازلة محمود بن عياد وزير الخزانة التونسية الذي نهب ما يعادل ميزانية الايالة التونسية لسنتين وحولها الي المصارف الفرنسية وحظي بحماية الدولة الفرنساوية وقتها، وانتهاء بنازلة اليهودي التونسي نسيم شمامة وزير الخزينة أيضا والذي نهب كل خزينة الدولة وحولها الى مصارف فرنسا.
حدث كل ذلك قبل احتلال فرنسا لتونس، وأدت تلك السرقات الى انهيار المالية العمومية ولجوء الدولة الى الاقتراض حتى اعلان الإفلاس ووضع تونس تحت الانتداب الفرنسي.
في أطوار قضية الحال فان المحامي التونسي الفرنسي عبد المجيد بودن تقدم تحت غطاء شركة استثمارات abci بطلب استثمار مبلغ 3 مليون دولار في البنك الفرنسي التونس زمن الوزير الأول محمد مزالي،
ولكن وخلال سنوات قليلة تفطنت مصالح الدولة التونسية إلى وجود عملية تدليس في بعض الوثائق ففتحت تحقيقها في قضية جزائية وانطلقت التتبعات ضد عبد المجيد بودن بتهمة التدليس ،وانتهت بسجنه، وصدور احكام ضده، لكنه توصل إلى اجراء صلح مع الدولة التونسية ودفع خطية مالية ثم عاد الى فرنسا.
وفي الاثناء تنازع الخصمان الدولة التونسية والمحامي المذكور في المحاكم الدولية حول سداد مبلغ 3 مليون دولار طيلة 30 عاما.
وكان بودن وقتها يرغب في اجراء صلح مع الدولة لقاء مبلغ لا يتعدى استرجاع ما دفعه اي 3 مليون دولار مقابل اسقاط الدولة لحقها في تتبعه جزائيا من أجل التدليس ؟
الغريب ان مصالح الدولة قد استطاعت ان تربح كل النزاعات ضد المحامي المذكور… مع تعطل في البت في عدد من الملفات العمالقة…
فجأة وبعد 2011.. تغير المشهد وأطل الفساد
لم يكن عبد المجيد بودن مشمولا بالعفو التشريعي العام.. لكنه بقدرة قادر تحصل على عفو خاص سنة 2012 باقتراح من وزير العدل وقتها نور الدين البحيري… وتم إرسال الطلب الي محكمة التعقيب التي أصدرت حكما بالحاقه مع قائمة العفو للتشريعية العام ليتحول الي سجين سياسي وتنقلب قضيته من نزاع مدني جزائي الي احد ضحايا الاستبداد.. وهنا انقلب الملف المالي.. ؟
كانت الأحكام المتعلقة بقضية التدليس وتضرر الدولة التونسية منها ملفا تفاوض به الدولة خصمها المستثمر..
ما هي ملابسات حصول المتهم على عفو خاص..؟
لماذا لم يعترض المكلف العام بنزاعات الدولة وينبع السلطة القضائية من خطورة اصدار العفو..؟
هل كان القضاة المتعهدون بملف العفو الخاص عن المتهم يدركون تداعيات قرارهم القضائي..؟
وهل كان المتهم جديرا بعفو يحوله الى مضطهد سياسي.. ؟
في سرعة مدهشة… استطاع عبد المجيد بودن ان يحدث انقلابا في الملف القضائي ،فقد استطاع ان بخترق المشرفين على الملف وان يتواصل مع كل المسؤولين على الملف ،حدث ذلك أثناء قبل وبعد وزارة سليم بن حميدان…
لسنا نعلم حقيقة مدى مسؤولية المحامي الوزير سليم بن حميدان في تفاصيل الملف.. لكنه يتحمل مسؤولية سياسية وأخلاقية وقانونية في ما حدث.. ولا يمكنه التفصي من المسؤولية..
لكنه ليس منطقيا ان نلقى كامل المسؤولية على الوزير لان الملف القضائي كان من أنظار جهاز المكلف العام بنزاعات الدولة وقتها والذي تشرف عليه السيدة عفبفة البوزايدي النابلي وكان الملف من اختصاص المستشار المقرر حامد النقعاوي ايضا..
هذه الأسماء الثلاثة تتحمل كامل المسؤولية الأخلاقية والقانونية في فضيحة خسارة الدولة لمبلغ مالي ضخم 3 آلاف مليار، لكن الغريب ان عفيفة النابلي تحولت للعمل بعد الفضيحة في هيئة مكافحة الفساد التي يشرف عليها شوقي طبيب كمستشارة في مكافحة الفساد.
هل هذا التعيين حماية أم مكافأة..؟
كان من المفروض أن تحاسب هذه السيدة كمسؤولة قانونية عن الملف لكن المدهش ان هيئة الفساد جمدت النظر في الملف الفاضح أصلا، إنها هيئة تطارد عمليات الفساد الصغيرة لصغار الموظفين اما الملفات الكبرى فلها الله؟
من هناك تحول حامد النقعاوي الي باحث وكاتب يسخر كل وقته لتأليف كتب في القانون الخاص بجهاز المكلف العام بنزاعات الدولة.. انه منظر في القانون لكنه فاشل في ممارسة القانون..

هل كان محض صدفة ان تغافل القائمون على الملف عن بعض الجزئيات التي تسببت في هزيمة قانونية وفضيحة مالية للدولة.. ؟

يحيلنا ذلك الى مساءلة مكتب المحاماة الذي تكفل بالدفاع عن مصالح وحقوق الدولة التونسية.. كم قبض فريق الدفاع من أموال الشعب التونسي لمقاضاة عبد المجيد بودن..؟

هل يوجد احتمال لتراخ مقصود في اعمال مكتب المحاماة الذي كلفته الدولة بنيابتها لدى المحاكم الدولية في القضية.. ؟
هل هنالك بيع وشراء للذمم..؟
كل الاحتمالات واردة… انها قضية القرن بالنسبة الى شعب مفلس وفقير ومرتهن.. . انها أموال طائلة ستدفع من قوت الشعب التونسي ،بعد سنوات تتابعت حكومات ووزراء و جميعهم أبدى تراخيا في مباشرة الملف وانقاذ ما يمكن انقاذه، لقد تعمد الوزراء وكبار المسؤولين ان لا ينظروا في إمكانية اجراء الصلح او اثارة امكانية وقف التنفيذ او معاودة التقاضي..
انهم شركاء في الجريمة في حق المال العام وفي حق ممتلكات الشعب التونسي.
الان في شهر سبتمبر من سنة 2019 استطاع عبد المجيد بودن ان يستصدر قرارا بإجراء عقلة على أصول وسندات الدولة التونسية في الخارج… ان يعقل الأموال والعقارات والطائرات والمنقولات والشركات التونسية العمومية…
ولم يبق للدولة الفاشلة من ملاذ سوى الحصول على قرض ضخم لسداد أموال خسرتها الدولة نتيجة الفساد والرشى والإهمال المتعمد..

محزن ومخجل انه في الوقت الذي تحل فيه هذه المصيبة على الشعب الفقير ترى جمهور المترشحين للرئاسيات منشغلين بالتطاحن من أجل السلطة والمجد الذاتي واشباع غرائر الأنانية الفردية.. وكلهم يعلم باسرار الفضيحة.
الغريب ان مصالح الدولة التونسية تطالب منذ 10 سنوات باسترجاع الأموال المنهوبة من عائلة الرئيس السابق ولكنها فشلت في استرجاع مليم واحد من البنوك الدولية، في المقابل تجبر المحاكم الدولية في سرعة الدولة التونسية على سداد مبلغ الخطية الضخم..

البنوك الغربية تمنعنا من استرجاع اموالنا المؤمنة عندهم.. ولكنها تجبرنا على دفع خطايا مالية ضخمة..
كيف نفهم هذا التآمر على حقوق الشعب التونسي..؟
انهم يسرقون نا.. ينهبون عرقنا وخيراتنا…

لكننا نرى خلف هذه القضية قضية اكبر.. لمن لا يعلم من علم شيئا.. قضية أخرى..
فالبنك الفرنسي التونسي تعرض في الأثناء الى اكبر عملية احتيال زمن الرئيس السابق.. لقد تحصل عدد من رجال الأعمال التونسيين على قروض ضخمة بالمليارات من بنك bft… دون تقديم ضمانات للبنك العمومي في فضيحة فساد كبرى… ولم يسدد هؤلاء ما عليهم من دين للمال العام…
ومن بينهم كمال اللطيف والمهيري وبن عياد والارناؤوط وآخرين..

و كذلك تحصلوا على حماية من السلطة السياسية زمن بن علي وما بعد بن علي… لقد حمتهم كل الحكومات بعد الثورة..
لقد نهب كبار اللصوص البنك الفرنسي التونسي… الذي هو ملك للبنك التونسي STB..
والاخطر من ذلك هو ان المديرين العامين الذين يتحملان مسؤولية في هذه القضايا من الفساد توفيا في ظروف غامضة ومثيرة للشبهة.. و النيابة العمومية لا تسمع ولا ترى…

أين هيئة مكافحة الفساد.. ؟
أين شوقي طبيب.. ؟
أين الاحزاب ومنظمات المجتمع المدني..؟
أين الإعلام الزائف.. ؟

لقد نهبوا أموال الشعب. ورفلوا في الحرير وفي االجواري.. وتمتعوا هم وابناؤهم بحياة الملوك والامراء والشعب جائع.. فقير..
بعد سنوات قليلة سوف نبكي وطنا مغدورا.. وستعود تونس دولة مستعمرة.. بلا سيادة ولا استقلال.. ويتحول سكانها الى مواطنين من درجة ثانية او عبيدا في خدمة الأسياد..
اللهم ألطف بتونس..

ملاحظة: المقال كنا نشرناه عام 2018.. نعيد نشره احياء للذاكرة.

المعز الحاج منصور

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*