يشهد النادي الإفريقي، منذ سنتين، تغييرات سواء أكان ذلك على المستوى الرياضي أم على مستوى البنية التحتية التي تجاوزها الزمن. إن المتتبعين للنادي الإفريقي عن بعد لا يعلمون عادة إلا بأخبار الانتدابات أو أخبار اللاعبين المغادرين التي تشمل مختلف فروع الجمعية وخاصة الفريق الأول لكرة القدم الذي يعتبر حامل لواء فريق باب الجديد.
بيد أن الأحباء الذين يتابعون عن كثب أخبار النادي يعلمون أن العديد من الأشياء تشهد تغييرات، سواء تعلّق الأمر بالجانب الفني البحت أو بالجانب الإداري أو بالجوانب المتعلقة بالبنية التحتية.
لهذا الغرض، وفي إطار المظهر الثاني للمشروع الرياضي لرئيس النادي السيد سليم الرياحي، انطلقت منذ السنة الفارطة العديد من الأشغال في الحديقة أ. وينمّ هذا الالتزام التام من قبل الرئيس الحالي للنادي عن جراءة وجسارة ، بعد حملة التشويه التي تعرّض لها خلال الموسم الماضي.
تهيئة شاملة للبنية التحتية
ترمى أشغال التهيئة الجارية بالأساس إلى تمكين مختلف الفرق التابعة لفروع كرة القدم وكرة والسلة من التدرب في أحسن الظروف الممكنة حتى تتمكن من تحسين مستواها.
وللحصول على أكثر معلومات حول ما يجري داخل الحديقة، استقينا المعلومة من مصدرها، وبالتحديد من السيد لطفي القلمامي، المدير الاداري للنادي الإفريقي، وأيضا المسؤول عن أمن الحديقة (الدخول للحديقة يخضع للمراقبة) وعن الاشراف على الأشغال، والذي أكد لنا منذ الوهلة الأولى ” أن أشغال التهيئة لا تقتصر على الحديقة أ، بل تشمل أيضا قاعة القرجاني التي تم غلقها خلال الموسم الماضي. فبالإضافة إلى حجرة تغيير الملابس، فإنه سيتم وضع أرضية خشبية جديدة فضلا عن وضع سقف جديد يتميز بطبيعته الحرارية.
أما فيما يتعلق بالحديقة، فقد انطلقت الأشغال بتشييد سياج عالي المستوى للحؤول دون دخول أشخاص بدون الخضوع للمراقبة . كما أن بعض الأجزاء من هذا السياج، لاسيما تلك المجاورة لملاعب كرة القدم، تم تثبيتها بواسطة أوتاد كما تم تسييجها بشكل يمنع ضياع الكرات.
ومن بين الأشغال التي تم إنجازها وجب التنويه بعملية إعادة تعشيب الملعب القديم لكرة القدم الذ تتوفر فيه مدارج. وبجوار هذا الملعب المركزي، تمت تهيئة ملعبين بالعشب الاصطناعي مخصصين لأصناف الشبان لكرة القدم.
وفضلا عن حجرات الملابس، فإنه يتم الآن تجديد قنوات الصرف الصحي . كما أنه وفي السياق ذاته تم إنجاز أشغال لتصريف المياه وشفطها حتى لا تنغمر حجرات الملابس بالمياه في حال نزول أمطار غزيرة. وتعتبر هذه الأشغال ضرورية بالنظر إلى قرب الحديقة أ من بحيرة تونس والتي تعتبر منطقة مُعرّضة للفيضان.
كما وجب التنويه إلى أنه تمت توسعة حجرات الملابس الخاصة بالفريق الأول لكرة القدم، وقد تم الانتهاء من الجزء الأول من الأشغال، في حين أن الجزء الثاني من الأشغال بصدد الإنجاز. كما شملت أشغال التحسين الحنفيات والدهان والتكليس.
كما ينصّ مخطط التهيئة الجديد على إصلاح 3 ملاعب مخصصة لكرة اليد، بالإضافة إلى تشييد 3 ملاعب كرة سلة وملعبين كرة الطائرة .
وفي صيغته النهائية، ينص المشروع على تهيئة المدارج الحالية . وفي هذا الصدد، سيتم هدم القاعة المغطاة الصغيرة المخصصة لكرة السلة ليتم تشييد مكانها قاعة صغيرة من طراز حديث.
إنجازات تُذكر فتُشكر
لن تتوقف الأشغال عند هذا الحد، حيث سيتم توسيع مركز النادي الإفريقي من خلال تهيئة فضاءات لفائدة لاعبي أكابر كرة القدم، على غرار القاعة الخاصة بالتدليك الطبي وقاعة الاجتماعات وقاعة ألعاب وغيرها من الانجازات.
ويتمثل الانجاز الفريد من نوعه في الحديقة، في تشييد مسجد في مدخل الحديقة. وتأتي هذه المبادرة في انسجام تام مع هوية النادي ومع الأسس التي أقيم عليها والمستوحاة من الاسلام. ويجدر التذكير في هذا الصدد، بأن الاسم الأول الذي مُنح للجمعية كان “النادي الإسلامي الإفريقي” ، وهو اسم رفضته سلطات الحماية الفرنسية. ولهذا السبب لم تر الجمعية النور سنة 1919، ولكن يوم 4 أكتوبر 1920 بعد أن تم حذف مصطلح “الاسلامي” . وبذلك أصبح “النادي الإسلامي الإفريقي” يُطلق عليه اسم النادي الإفريقي.
وللعودة للمسجد فإن الأشغال الخاصة به أشرفت على النهاية وقد أصبحت قبّته ظاهرة للعيان بالنسبة للمارة ولسائقي السيارات العابرين عبر الطريق السريعة.
كما تجدر الإشارة إلى أنه سيتم تهيئة إحدى جنبات الحديقة لتشييد موقف للسيارات. فأمام تقلّص الموارد المالية في ظل غياب الجمهور عن الملاعب، كل الوسائل تصبح صالحة لإيجاد موارد دخل بديلة من شأنها إنعاش خزينة النادي. وفي هذا الصدد، سيتم تخصيص فضاءات إشهارية في الحديقة.
وستتوّج أشغال التهيئة الجارية بتشييد مدخل جديد للحديقة أطلعنا عليه السيد لطفي القلمامي عبر تصميم نموذجي ولكنه آثر الكتمان حينما طلبنا منه الحصول على صور من هذا المشروع، ليكتفي بالقول وبكل لطف “إن الأمر سابق لأوانه” .
أما خارج الحديقة، فقد شملت التحسينات مقهى باب الجديد لتمتد إلى المقر التاريخي للنادي في نفس الحي. كما أن النيّة تتجه لتخصيص مقر لجمعية قدماء النادي الإفريقي. وسيسعى النادي الإفريقي في الجزء الأخير من المشروع إلى الاقتراب أكثر من أحبائه، وذلك انطلاقا من واقع يؤكد أن أحباء النادي الإفريقي موزعين على كامل تراب الجمهورية، من شمال البلاد إلى جنوبها ومن شرقها إلى غربها. كذلك وفي إطار استراتيجية النادي الإفريقي الجديدة في مجال التسويق، يعتزم النادي فتح مغازات في كامل ولايات الجمهورية بغية الترويج لمنتوجاته، وهو ما يمكن أن نعتبره ضرب عصفورين بحجر واحد، أي تعزيز الروابط مع القاعدة الجماهيرية الواسعة للنادي وتشجيع هذه القاعدة على المساهمة المالية في خزينة فريقهم المفضل. وتجدر الإشارة في هذا الصدد، إلى أن رئيس النادي السيد سليم الرياحي، المعروف بسخائه، يعتبر حاليا مصدر التمويل الرئيسي للنادي، حيث أنه أخذ على عاتقه 90% من تكلفة أشغال الصيانة والتحديث .
إن العائلة الموسعة للنادي الإفريقي التي لا يمكن لها إلا أن تكون فخورة بهذه الإنجازات، لم يبق لها إلا أن تقدّم مساهماتها لتعزيز ما تم إنجازه ، مهما بلغت هذه المساهمة من رمزية. فالهدف الأسمى والنهائي الذي يجمعنا كلنا هو أن يتبوأ النادي المكانة المرموقة التي هو أهل لها، وذلك على الصعيدين الوطني والقاري. سيقول لك المحب الغيور المفطوم على التتويجات، في بداية هذه السنة المليئة بالأمل “كفانا خلافات ولنقف وقفة رجل واحد وراء الجمعية حتى نضع حدا للسنوات العجاف” .