قبل خمس سنوات من اليوم .. انتابني احساس غريب و أنا ألقّن رجلا إيطاليا (شبه أبكم) ” الشهادتين”

لقد كان يقولها على عسرها في لسانه الأعجمي المثقل بمرضه وكأنّه يزيح عن قلبه بابا عظيما موصدا بأوزار هذا العالم …
ما أحسست به ليس مجرّد دغمائية دينية يطغى فيها الشعور على العقل كفعل الأفيون في الدماغ، وليست أيضا مجرّد حركة خلايا عصبية متسارعة في الدماغ توهم الإ‘نسان أنه سعيد أو حزين …

وأنا ألقن الرجل الشهادتين تعمدت مكننة العملية والتخلّص في نطاق التجربة من كل إحساس ديني محاولا الإنسجام مع ادعاءات بعض المتعقلنين أن الشعور الإيماني مجرّد وهم بشري .
دفعني ذاك لأجرّب جاهدا عملية إعدام مقصودة لكل احساس هووي محولا نفسي إلى سكين بارد لدى جرّاح متغطرس بعلمه وأنا ألقن كاثوليكيا أبكما الشهادتين..

في تلك اللحظة الصفر وهو يعيد معي شهادة ” أن لا إله إلا الله” نظر إليّ نظرة هزمت عقلانية قاصرة عن فهم “جلالة الدين ” وحاجة الإنسان إلى الله. يا للهول لقد كانت نظرة تائه في قلب البحر قذفت به الأمواج إلى حافة اليابسة أين وجد كل أحبابه في انتظاره ..هكذا دفعة واحدة .

كم بدت لي العقلانية قاصرة في تلك اللحظة الصفر عن فهم تيه الإنسان وضياعه وإن راكمت ملايين النظريات التي تعمل على إيجاد تفاسير علمية للعالم لأنها تبدوا عاجزة تماما عن البحث في “عليّة الأشياء” وسر تعلق الإنسان بهذا المفارق العظيم الرحيم ..

صدق الفيلسوف جيراردينو فلو وقد اعتقد في الداروينية 80 سنة””إن كل هذه النظريات ركام من النفايات لا تكفي لتنكر وجود الله” ….بمعادلة واحدة سقطت كل الادعاءات.. إن تعليم قرد كتابة قصيدة لشكسبير من 400 بيت سيستغرق أن نضرب له عمر الكون (14 مليار و 700 مليون سنة ) في 619 مرّة “…ليتعلم كيف يكتب القرد قصيدة …
أنا لا أحتاج أن اختبر القرد في مدى قدرته أن يكتب بيت شعر ..
تكفيني قناعة في القلب والعقل “أن الإنسان شقي حزين قلق من دون الله”….غفران الحساینی

Comments are closed.