ليس هذا ما يتطلع إليه الشعب ..

حين نقف على أمتار من الحياد و التامل و نضع أنفسنا نقاد للأوضاع بكل مقاييس الانعتاق من الانتماء السياسي و نقوم بالتحليل الموضوعي للأحوال التي نعيشها اليوم مع العلم ان هذا ليس ما يتطلع إليه الشعب و أهداف الثورة و لا ما يستحقه أبطال استشهدوا من أجل بلوغ مرحلة التغيير إلى عهد التغيير و لا حتى احترام إلى مناضلي جهة الرديف 2008 و كل محاولات المعارضة زمن الحكم الماضي….
نعم… و الي اليوم بعد عشرة سنوات مضت من تاريخ الثورة مازالت أحوالنا حد العدم من الفقر و الاحتياج و الخاصصة و التهميش و كل أنواع الحقرة و عدم الإصغاء للمشاغل الاجتماعية والاقتصادية و ما يعيشه شعبنا في هذه الأيام…. كما نلتمس و بصورة أصبحت واضحة ان التدهور الإقتصادي هو المتقدم على بقية الأحوال الأخرى هذا يأتي نتيجة عدم تطبيق القانون على كل الأطراف التي تشجع و تحاول بعث أمواج التحريض على غلق مواقع الإنتاج و تعطيل الإنتاجية أو ممارسة العنف المادي و المعنوي على السير العادي لمؤسسات الدولة الاقتصادية و المطالبة بالمفاوضات الاجتماعية و المطالبة بالتنمية و تحقيق متطلبات صحية او تربوية او بنية تحتية … أصبحت الاحتجاجات الغير سلمية معول هدم ممنهج للتدهور الإقتصادي المنعكس مباشرة على اتساع رقعة الفقر الشامل والمتعمَّد و تهميش الجهات الداخلية و هذا ما يدفع أوضاع البلاد والعباد الى هاوية الإنتحار و الهجرة غير الشرعية و السرقة و الإجرام و المخدرات و الطلاق و التحيل… كل ذلك يدفعنا الي مستنقع العنف والتدمير لكل ماتبقى من أمل في بناء شعب الرفاهية و إعادة دولة السلم الاجتماعي السليم و بلوغ مناخ يطيب فيه العيش… حياة حرة وكريمة .
أصبح الأمر يتطلب مزيد الإحساس بالمسؤولية الوطنية التي تستدعي الوحدة و التماسك و توفر شحنة الإرادة للاصلاح و التغيير و الدعوة إلى العمل و الإنجاز و هذا المطلوب حسب تقديرا سواء كنا قوى سياسية او جمعيات او منظمات او نشطاء مقومات مجتمع مدني او مواطنين او مدنيين او فنانين مثقفين…..أن نعي وأن ندرك أن زمام الأمور في بلادنا وفي أوساط شعبنا لا يزال مقدوراً أن نتحكمَّ فيه وأن نحسن توجيهه في الصالح العام لوطننا قبل أن ينفلت من أيدي العقلاء…. تونس اليوم في حاجة إلى كل شعبها في حاجة إلى المثقف الملتزم بقضايا الحياة اليومية و بوق دعاية لهموم الشعب و الدفع إلى الوحدة الوطنية و نبذ الكراهية و حب الذات التي أصبحت في صراع الإقصاء الممنهج السياسي مما خلق القطيعة و تقسيم الشعب إلى أجزاء حزبية..
إن عِقال العقل إذا تمزق ، وغابت الحكمة عن صنَّاع القرار فلن يكون إلى تونس مخرج الفلاح و الإصلاح و النجاح و الازدهار و الرفاهية …
إن حل المعضلات السياسية يمكن الوصول إلى حلول لها قبل فوات الأوان وقبل أن يصبح الندم لا معنى له …..
إننا لا نزال نحفظ للرئيس السابق الراحل الباجي قائد السبسي ” متى نخرج من عنق الزجاجة” كلمة أثبتت الأيام أن جميع المختلفين سياسياً ليس الاختلاف في كيفية الإصلاح و طريقة التسيير إلى دواليب الدولة أو حول مقاييس وضع الاستراتيجيات الإيجابية لتحسين حياة الشعب و الدفع بالمستوى الإقتصادي إلى مربع الانتعاش و الازدهار…
اليوم الطبقة السياسية يتقاتلون و يتخاصمون بالبرلمان ثم في نهاية الأمر يتحاورون ، فلماذا لا يتحاورون بدلاً من أن يتخاصمون … هل هذه أساليب العمل السياسي الإيجابي الذي يحقق طموحات الشعب و استقامة الأوضاع و الرفع من الدينار و تحسين القوة الاقتصادية….
إننا على ثقة أن بالإمكان أن يتم هذا إذا كانت الإرادة شعبية سياسية و هناك ترابط بين السلطات و كان هناك قول صادق ، وضمير حي ، وإلتزام جاد بتنفيذ وتطبيق ما يتم الإتفاق عليه ، والإنضباط بالأوقات المحددة… لأن كل مشاكل الشعب التي نعيشها اليوم عدم احترام تفعيل محاضر الجلسات و نصوص المفاوضات الاجتماعية و الاتفاقيات و الوعود السابقة عبر الحكومات المتعاقبة…. متى تكون الحكومة الحالية ملتزمة بكل التزاماتها من أجل المحافظة على المصداقية و الشفافية مع شعبها و حسن بناء صلة التواصل بكل ثقة…….

 

يكتب اليكم نورالدين بلقاسم
أوضاع تستدعي الإصلاح

Comments are closed.