سنة 2007 كانت الأزمة على أشدها في العلاقة بين الاتحاد الدولي لكرة القدم والسلطة التونسية بخصوص القوانين المسيرة للنشاط الرياضي والتي تنص على إنتخاب الجلسة العامة لثلثي أعضاء المكتب الجامعي بينما تحتفظ السلطة بحقها في تعيين الثلث حفاظا على التوازنات والكفاءات التي لا تفرزها بالضرورة صناديق الاقتراع..
وكانت الدولة وهي الممول الرئيسي للنشاط الرياضي تفرض إختيار الرئيس من ضمن الثلث المعين وعلى هدا الأساس آلت الرئاسة إلى علي الأبيض المعين فيما إكتفى كمال بن عمر المنتخب بمنصب كاهية الرئيس.
وقد أسفر ذلك عن ضع سيريالي لهيكل برأسين أحدهما رئيس محلي تعترف به السلطة والثاني رئيس دولي تعترف به الفيفا التي كانت توجه مراسلاتها الرسمية باسم نائب الرئيس.
ولم يشفع وجود سليم شيبوب في المكتب التنفيذي للفيفا من توجيه رسالة شديدة اللهجة تتضمن تهديدا صريحا بعقوبة الحرمان من المشاركات الدولية للمنتخبات والأندية في صورة التمسك بتعيين ثلث أعضاء المكتب.
كنت في تلك الفترة معد برنامج بلمكشوف الذي أحدث تسونامي في المشهد الاعلامي آنذاك وكان التكتم على أشده بخصوص مضمون الرسالة التي تم تسليمها إلى الوزير المستشار لرئيس الجمهورية في إنتظار حسم الرئيس الأسبق الذي كان بحكم تكوينه العسكري لا يقبل تدخل هيكل دولي في مسألة يعتبرها سيادية.
كنت أنا ومعز بن غربية في قهوة “مزازيك” بحي الهادي نويرة بأريانة نخطط عن طريقة تمكننا من تناول موضوع شائك وشديد الحساسية وهو ما يتطلب جمع كافة المعطيات لتفادي الوقوع في المحظور ولم يكن ذلك ممكنا دون الحصول على الرسالة.. أتذكر أنني قلت إلى معز : إذا كان الأمر مستحيلا مع المتلقي (الجامعة) لماذا لا نحاول مع المرسل (الفيفا) التي تحترم مهمة الاعلام بتسهيل النفاذ إلى المعلومة ؟
بقي ترتيب السفر إلى زوريخ ولم يكن ذلك بالأمر الهين مع الامكانيات المنعدمة لقناة حنبعل في بداياتها. وهنا كان تدخل معز حاسما مع صديق له يدعى البحري فيما أذكر وكان مسئولا على قسم التسويق لشركة كوكاكولا الدولية. إتصل معز بصديقه وبسرعة جاء الرد بتخصيص مبلغ 5 آلاف دينار للمهمة مقابل التنصيص على إسم المستشهر في بداية التقرير ونهايته.
ومن حسن الصدف أن رئيس الفيفا جوزيف بلاتر في الحوار الذي خصنا به (أنا وزميلي الكاميرمان بسام الطرابلسي) دكر أنه يحمل أجمل الانطباعات عن تونس التي إحتصنت سنة 1977 النسخة التجريبية لبطولة العالم للأواسط والتي كاتن تسمى آنذاك بطولة كوكاكولا وهكذا حصد المستشهر أكثر من توقعاته..
إذن ذهبنا هناك وتحصلنا على نسخة الرسالة من المصدر وأجرينا حديثا خاصا مع رئيس الاتحاد الدولي والأهم من ذلك أننا أرغمنا في اليوم الموالي جامعة كرة القدم على تنظيم ندوة صحفية لاعلام الرأي العام بما لم يعد سرا على أحد..
ورغم تمسك الرئيس بن علي بما يعتبره قرارا سياديا فقد تمكن مستشاروه من إقناعه أن لا خيار لنا سوى الاذعان إلى مشيئة الفيفا إن كنا ننوي المشاركة في المنافسات الدولية وقبل بن علي عن مضض ومنحت الفيفا تونس مهلة إضافية لتغيير قوانينها وعرضها على مجلس نواب الشعب..
ومع ذلك تجد عبيطا يحاول إقناعك أو بالأحرى إقناع نفسه أن العزل دوليا ليس قرارا سيئا.. من أنتم ؟ ومن خول لكم الحديث باسم الأندية المشاركة في المنافسات الدولية ؟ وهل بامكانكم إقناعهم بذلك ؟
وكما قال ماركس : “التاريخ يعيد نفسه مرتين مرة في شكل مأساة ومرة في شكل مهزلة”.. وبالفعل فان ما نعيشه اليوم مهزلة بأتم معنى الكلمة أقولها وأنا أسترجع شريط أحداث يعود إلى 13 سنة ويمر أمامي كأنه لحظة وهذه الخلفية تسمح لصاحبها قراءة الأحداث والتكهن بتطوراتها لذلك كتبت بوست بسطرين في الفضاء الوحيد المتاح لي بعد أن تركت لهم الجمل بما حمل.. ويبدو أنهم إستكثروا علي ذلك فكانت ضربة البداية لحملة شرسة إنطلقت بالتكديب وعندما تبين لهم صحة الخبر كالوا لي التهم جزافا.. ولو كنت كما يذكرون لاصطففت مثلهم وراء الطرف الذي يوفر أكثر اللايكات والمكافآت لكنني إرتأيت مناصرة الحق وليس الشخص (وتدويناتي تشهد بذلك) ضد منظومة السلطة والمال والفساد وأذرعتها من محامين وأبواقها من إعلاميين وجنودها من ذباب ألكتروني..
وحتى لا أدعي ما ليس لي فاني لست الشخص المستهدف من الحملة الممنهجة بل لحقتني شضايا ألغام ولفحات سموم وطلقات “نيران صديقة” لذا وجب التوضيح أن منصبا في الجامعة لا يستهويني وزميلي قيس رقاز يقوم بالواجب كما ينبغي وقد لامست ذلك عن كثب عند مساعدته في مهمة ظرفية لفترة محددة إنتهت بانتهاء آجالها.
وقد يجد هذا التجني أسبابه في أن قدرنا صناعة الحدث.. وأقصى طموحهم التعليق عنه.
والله الموفق أولا وأخيرا.. ….
شهاب الرویسی