تسعى حكومة تونس إلى تنشيط مبيعات المساكن والشقق بداية من العام القادم عبر تخفيضات ضريبية تستهدف فئة الأجراء والموظفين ممن كانوا لعقود طويلة السوق الأولى لشركات التطوير العقاري الحكومية والخاصة.
وإزاء تراجع قدرة شريحة مهمة من التونسيين على اقتناء المساكن في ظل التداعيات السلبية لجائحة كورونا، اقترحت الحكومة ضمن مشروع قانون الموازنة لسنة 2021 منح الأجراء الذين يرغبون في اقتناء مساكن عن طريق تمويل بنكي أو عقد بيع مرابحة الانتفاع تخفيض في الضريبة على الدخل الواجبة على دخلهم الإجمالي لسنة 2021 في حدود 100 دينار شهريا (نحو 37 دولارا) وذلك شريطة إبرام عقدي اقتناء المسكن والقرض أو بيع المرابحة خلال سنة 2021.
وتهدف الحكومة من خلال الطرح الجديد إلى خلق متنفس مالي إضافي لأصحاب الرواتب والموارد المحدودة لتشجيعهم على اقتناء مساكن وإعادة تحريك سوق العقارات التي دخلت في ركود غير مسبوق زادت الجائحة الصحية في تعميقه.
وخلال العقود الثلاثة الماضية مثلت شريحة الأجراء التي تصنف ضمن الطبقة الوسطى في البلاد السوق الأولى لشركات التطوير العقاري التي كانت تنشئ المشاريع الموجهة أساسا للموظفين مقدمة منتجات متنوعة من حيث السعر والنوعية في إطار برامج تدعمها الدولة عن طريق صندوق حكومي للنهوض بالمسكن لفائدة الأجراء والبرنامج الخصوصي للسكن الاجتماعي.
غير أن تراجع القدرة الشرائية للتونسيين ودخول البلاد في دوامة الصعوبات الاقتصادية تسببا في عجز شبه تام للأجراء والطبقة الوسطى عن اقتناء مساكن فضلا عن زيادة كلفة القروض وتشدد المصارف في منح التمويلات بسبب شح السيولة لديها.
وتكشف أرقام البنك المركزي التونسي أن قائمة القروض الموجهة للسكن الممنوحة من الجهاز المصرفي لفائدة الأشخاص الطبيعيين تعرف نموا بطيئا في السنوات الثلاث الأخيرة بسبب نزول المبيعات حيث لم تتجاوز هذه النسبة 9.2 في المائة.
وبلغت قروض تمويلات السكن خلال شهر يونيو/ حزيران 2020 بحسب بيانات البنك المركزي 11.1 مليار دينار (4 مليارات دولار) مقابل 10.3 مليارات دينار (3.7 مليارات دولار) في ديسمبر 2017.
ويشكو المستثمرون العقاريون في تونس من غياب أفق لتحسين المبيعات العام الحالي، متوقعين تواصل أزمة القطاع واستمرار الارتفاع في أسعار المساكن، ما يهدد بتعطل استخلاص القطاع المصرفي لديون تناهز 5.2 مليارات دينار أي ما يعادل 1.7 مليار دولار حتى حدود شهر سبتمبر 2018.
وقال رئيس الجمعية المهنية للتطوير والبعث العقاري، نور الدين شيحة، إن شركات الاستثمار العقاري تشكو في الفترة الأخيرة، خاصة منذ سنتين، تقلصا وصعوبات في عمليات البيع، أدت إلى حصول ركود تام بدأ منذ 2012، مما انعكس بدوره على آجال تسديد القروض الممنوحة من طرف البنوك.
وأضاف شيحة في تصريح لـ”العربي الجديد” أنه من المتوقع أن تستمر هذه الوضعية على حالتها، نظرا لضعف القدرة الشرائية للمواطن التونسي، مطالبا بمراجعة المنظومة التشريعية المعتمدة في التعمير والسكن بهدف تحقيق تنمية عمرانية عادلة ومستدامة للمدن والتجمعات السكنية.
كما دعا إلى تحسين قدرة التونسيين على النفاد إلى القروض وتحسين دخولهم ومراجعة شروط سداد التمويلات البنكية، معتبرا أن الطرح الضريبي الذي تنوي الحكومة إقراره يبقى محدود الفاعلية.
ويزيد تراجع المبيعات من حجم الرصيد العقاري الراكد، حيث تقدر الغرفة الوطنية للمطورين العقاريين عدد الشقق والمنازل غير المسوقة بنحو 300 ألف وحدة، بسبب الارتفاع غير المسبوق في أسعار العقارات في السنوات الأخيرة، وتراجع القدرة الشرائية للطبقة المتوسطة من المواطنين، والتي مثلت لعقود طويلة عامل استقرار الاقتصاد التونسي بحكم قدرتها على الإنفاق وتحريك الإنتاج في قطاعات مختلفة.
وحسب بيانات رسمية، يحتل قطاع البعث العقاري والبناء في الاستراتيجية السكنية أهمية كبرى، إذ إنه يمثل 14 في المائة من جملة الاستثمارات السنوية في البلاد و12.6 في المائة من القيمة المضافة للاقتصاد الوطني و8 في المائة من جملة القروض المصرفية الممنوحة للقطاعات الاقتصادية.