و لكن في نهاية الأمر نحن كلنا من أجل دفع عجلة التنمية وطنيا و إصلاح الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية و خاصة قطاع الصحة و ما تتطلبه أزمة انتشار الكوفيد من استنفار لتحقيق الانتصار على الوباء رغم الإمكانيات المحتشمة و هذا ما يدفع بالحكومة إلى تحسين القطاع الصحي. كما نحاول الدعوة و المساندة إلى تحقيق مستوى عيش كريم لأهالينا من خلال فتح سوق الشغل و خلق مواطن الاكتفاء المادي للحياة المحترمة و ذلك يستوجب دراسات إلى جدوى طاقات الاستعاب الموسساتي و الحكومي كما يجب على كل الأحزاب و المنظمات و الجمعيات و نشطاء المجتمع المدني و كل رؤساء التنسيقيات الجهوية و الوطنية الدعوة إلى التعقل و التحرك السلمي الاحتجاجي … و لا مجال للفوضى و التسيب و قطع الطريق و الاعتداء على الممتلكات العامة و الخاصة… لأن تحقيق المطالب الاستحقاقية المشروعة نجاحها مشروط بالنضال السلمي و الدعوة إلى فتح نوافذ الحوار الحضاري و متابعة المفاوضات حسب التدرج و التفهم و التفاهم بين الموجود و المطلوب…
نحن اليوم داخل مربع انعدام الثقة بين المواطن و الأطراف الفاعلة السياسية و المنظماتية و بين المواطن و مؤسسات الدولة و بين المواطن و الحكومة… و هذا غير مقبول و غير عقلاني لان المواطنة احساس بالإلتزام بالحقوق و الواجبات..
نحن اليوم جزء من مخلفات الثورة و مشاكل عالقة متراكمة متخلدة حسب تعاقب الحكومات المتعاقبة منذ الاستقلال و التغيير يتطلب فترات من الزمن و الإصلاح يشترط الإرادة الشعبية و السياسية…
ندرك أشد الإدراك ان الأوضاع الإجتماعية تكاد تكون معدومة و ندرك أشد الإدراك ان التنمية مفقودة الإمكانيات و ندرك أشد الإدراك ان قطاع الخدمات من صحة و تعليم و طرقات و مواصلات و مرافق اخزي غير موجودة و تفتقر إلى ابسط التجهيزات… و لكن الدولة بعد عشرية سياسية فاشلة متناحرة عاجزة منذ الثورة لم تكن واعية بضرورة الدعوة إلى وحدة وطنية تجمع الشعب حول معاضدة دور الحكومة للمحافظة على التوازنات بين البقاء على قوة الدولة و تحقيق أهداف الثورة….
اليوم أصبح من الضروري قراءة موضوعية للأحداث التي أصبحت تنذر بالخطر و انقسام الوحدة الوطنية و تحرك الجهات بصفة مستقلة كل واحدة عن الاخرى و تصاعد وتيرة الاحتجاجات كل ولاية من بلادنا حسب المطالب المطلوبة…
أين الشعب الغيور عن الوطن؟ أين الشباب التونسي المثقف بقضايا الشأن العام و الاحساس بالمسؤولية التي تتطلب الدفاع عن مقومات و مؤسسات الدولة و المحافظة على مكتسبات وطننا … ؟ أين الجمعيات و المنظمات و روابط الدفاع عن حقوق الإنسان و نشطاء المجتمع المدني… ؟
أين أعضاء مجلس النواب؟ أين الأحزاب السياسية التي تشارك في الحكم و التي في صف المعارضة؟ أين خطاب العقل و التعقل ؟ أين الإخلاص للوطن؟….
نحن اليوم في حاجة إلى شخصية تجمع الجميع ترفض الإقصاء تفتح أحضان المصالحة و تنادي بالوحدة الوطنية..
يكفي من المشادات السياسية و خطاب الشعبوية المتاجرة بهموم الضعفاء و خطاب العنف الذي يحث على الانقسام و الكراهية… تونس دولة القانون و المؤسسات لا مجال إلى أصحاب التفرقة و الانشقاق لا مجال إلى تواجد أصحاب النزعة الذاتية الضيقة بيننا …. على كافة الطبقة السياسية مراجعة أوراق عملها الحزبي و خطها السياسي …
نحن اليوم في حاجة إلى وحدة وطنية حتى نزرع الأمل و نغرس الوحدة و نساهم في خلق مناخ اجتماعي يطيب فيه العيش الكريم في كنف الأمن والأمان و نخافظ على خيمة الدولة و دفع معنويات الحكومة لتكون محرك قوة مؤسسات الدولة و تكون الحكومة موفقة في تحقيق القفزة الاقتصادية لتغذية روافد الرفاهية الإجتماعية….
تونس تستدعي شعبها الي حوار وطني يصنع الوحدة الوطنية
يكتب اليكم / نورالدين بلقاسم