في إطار العلاقات الأخوية المتميزة والمتنامية بين البلدين الشقيقين قطر وتونس، يبدأ فخامة الرئيس قيس سعيد رئيس الجمهورية التونسية الشقيقة زيارة دولة للبلاد اليوم، تلبية لدعوة من أخيه حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى.
وسيبحث سمو الأمير “حفظه الله” مع أخيه فخامة الرئيس التونسي بالديوان الأميري غدا الأحد العلاقات الوطيدة بين البلدين الشقيقين وسبل دعمها وتعزيزها بكافة المجالات، فضلا عن القضايا ذات الاهتمام المشترك.
وتعكس زيارة الرئيس التونسي للبلاد موقع دولة قطر على خريطة الدبلوماسية التونسية، كونها أول زيارة يقوم بها لدولة قطر منذ وصوله إلى قصر قرطاج خلال أكتوبر من العام الماضي، كما تعكس الزيارة أهمية الدور الذي تلعبه دولة قطر وقيادتها الرشيدة بمحيطها العربي والدولي على كافة الأصعدة وخاصة السياسي والاقتصادي، وتؤكد من جديد أن دولة قطر ودعت بنجاح واقتدار كل المعوقات والعراقيل التي استهدفت عزلها وقطع خطوط التواصل بينها وبين أشقائها العرب وأصدقائها بكافة أرجاء المعمورة، كما تظهر الزيارة أن التصدي لجائحة كورونا (كوفيدـ19) وهو الشغل الشاغل لمختلف دول العالم، لا يثني دولة قطر ولا يمنعها من القيام بدورها القومي والأخوي والإنساني تجاه الأشقاء والأصدقاء بكل زمان ومكان.
ومن المؤكد أن القمة القطرية التونسية غدا تشكل فرصة طيبة لمراجعة ما أنجزه البلدان وما يطمحان إليه على طريق الارتقاء بالتعاون والتنسيق بينهما بكافة المجالات خدمة لمصالح وتطلعات شعبيهما الشقيقين، وستؤسس لمرحلة ومحطة جديدة في العلاقات التونسية القطرية، وستشكل نقلة وإضافة لرصيد العلاقات الأخوية المتينة القائمة بين البلدين، وستعزز التنسيق والتفاهم المتبادل بين قيادتي الدولتين تجاه مستقبل وآفاق العلاقات الثنائية والارتقاء بها، وتجاه مختلف القضايا العربية والإقليمية والدولية الراهنة وبما يسهم بدعم القضايا والحقوق العربية بكافة المحافل وتعزيز العمل العربي المشترك، والحفاظ على الأمن والسلام والاستقرار بالمنطقة، خاصة وأن تونس هي العضو العربي الوحيد بمجلس الأمن الدولي حاليا.
تربط دولة قطر بجمهورية تونس الشقيقة علاقات تاريخية وثيقة متميزة بالعديد من المجالات، وقد وقفت دولة قطر إلى جانب الشعب التونسي وثورته منذ انطلاقها وإلى أن حققت أهدافها، وكان حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى، ثاني زعيم يزور تونس منذ تقلد فخامة الرئيس قيس سعيد لمهامه الرئاسية، وكانت تلك الزيارة هي الرابعة لسمو الأمير إلى تونس في أربع سنوات.
وقد حافظت دولة قطر على مكانتها كأحد أهم المستثمرين بتونس وكأحد أهم شركائها الماليين والاقتصاديين، وهو أمر تؤكده الإحصاءات والأرقام وتطورها من سنة إلى أخرى، إذ احتضنت تونس، نهاية عام 2016، مؤتمرا دوليا للاستثمار “تونس 2020″، الذي جاء بمبادرة من حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى، وكان لحضور سموه هذا الحدث المهم أثر كبير بإعطاء دفعة جديدة للعلاقات بين البلدين الشقيقين، وخصوصا على الجانب الاقتصادي والاستثماري، حيث أعلن سمو أمير البلاد المفدى أمام الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، قيام دولة قطر بتوجيه مبلغ مليار ومائتين وخمسين مليون دولار أمريكي، دعما لاقتصاد تونس، وتعزيزا لمسيرتها التنموية.
كما قدمت دولة قطر أيضا وديعة بقيمة 500 مليون دولار لدعم احتياطيات تونس من العملة الصعبة، سبقها قرض بقيمة 500 مليون دولار، من خلال الاكتتاب بسندات لمساعدة الحكومة على تحقيق التنمية بالمناطق الداخلية.
وتلقت تونس من قطر ،خلال مايو الماضي، مساعدات طبية لمواجهة كورونا، شملت مستشفى ميدانيا مجهزا بـ 100 سرير، وشحنة مساعدات طبية تزن 10 أطنان.
وشهدت العلاقات الاقتصادية بين البلدين طفرة كبيرة خلال السنوات الأخيرة، فقد تضاعفت المبادلات التجارية بين البلدين، والصادرات الزراعية التونسية إلى السوق القطرية، ويشارك القطاع الخاص القطري بدورة الاقتصاد التونسي من خلال الاستثمارات الكبيرة بالقطاعات الحيوية هناك.
ويسهم صندوق الصداقة القطري وصندوق قطر للتنمية ومؤسسة /صلتك/ بتمويل العديد من المشاريع التنموية في تونس وخاصة منها المشغلة لفئة الشباب، وليس من باب الصدفة أن يكون المكتب الوحيد لوكالة الاستثمار الخارجي التونسي بالعالم العربي مفتوحا بالدوحة، لأن دولة قطر تعتبر من أهم المستثمرين بتونس، إذ تحتل المرتبة الثانية من حيث حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
وفي نوفمبر 2019 تم الإعلان عن تأسيس مركز تأشيرات لقطر بتونس، وهو الأول من نوعه عربيا وأفريقيا.
وتأتي دولة قطر بالمرتبة الأولى عربيا والثانية دوليا من حيث حجم الاستثمار المباشر بتونس، باستثمارات تقدر بأكثر من ثلاثة مليارات دولار موزعة على قطاعات الاتصالات والبنوك والسياحة. وغيرها، ما يعد دليلا على عمق العلاقات المتأصلة بين البلدين الشقيقين.
ويزيد عدد الاتفاقيات ومذكرات التفاهم الموقعة بين البلدين على أكثر من ثمانين اتفاقا ومذكرة من بينها 10 اتفاقيات تم توقيعها عام 2019″، تغطى المجالات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية والصناعية والتجارية، والمصرفية والصحية والزراعية والفنية والإعلامية والثقافية والسياحية والنقل الجوي، ومنع الازدواج الضريبي، وقطاعات القضاء والأوقاف والشؤون الإسلامية، والأشغال العامة وحماية البيئة، ومكافحة التلوث، وتكنولوجيا المعلومات ومجالات التكوين المهني، وتكرير النفط، والاستثمار العقاري، واستخدام العمال التونسيين بدولة قطر.
وتستقطب دولة قطر الآلاف من الكفاءات التونسية وتتيح لهم فرص العمل بكل المجالات والقطاعات الاقتصادية والتربوية والاجتماعية والرياضية، ويتجاوز عدد أفراد الجالية التونسية بدولة قطر سبعة وعشرين ألفا.
ومنذ صعوده إلى الرئاسة في أكتوبر 2019 يسعى الرئيس التونسي قيس سعيد، إلى تنفيذ مشاريع استثمارية بالمحافظات التونسية بشراكات أجنبية، وتنتهج بلاده على مسارها الاقتصادي دبلوماسية واضحة تقوم على استغلال كل ما تتيحه الدبلوماسية التقليدية من قنوات اتصال وأطر للتعاون مع البلدان الأجنبية خدمة لاقتصاد البلاد، من حيث البحث عن أسواق جديدة للمنتوج التونسي واستقطاب وجلب رجال الأعمال والمؤسسات الأجنبية للاستثمار بتونس، وكذلك الترويج للوجهة السياحية التونسية بكل أنواعها وتفرعاتها.
وتزخر تونس بالفرص الاقتصادية والاستثمارية الواعدة، ولديها كل ما يجلب الاستثمارات الخارجية لتوافر البنية التحتية والتسهيلات الإدارية والإعفاءات الضريبية ودعم الحكومة التونسية للمواد الأساسية مثل الماء والكهرباء والغاز، وتتركز فرص الاستثمار في القطاع الزراعي الذي يستند على مساحات شاسعة من الأراضي الجاهزة للاستغلال، خاصة بمجال الفلاحة البيولوجية، ومن القطاعات الاستثمارية الواعدة هناك، الصناعات الغذائية، وتربية الأحياء المائية وقطاع الطاقة المتجددة، كطاقة الرياح والطاقة الشمسية، والقطاع الصناعي وخاصة الصناعات الميكانيكية التي تشهد نموا ملحوظا، وقطاع التعدين حيث تزخر مناطق الشمال والجنوب الغربي التونسي بثروات منجمية هامة من الفوسفات والأحجار الجيرية والرخامية، والقطاع السياحي، ذلك أن تونس غنية بالموارد السياحية كالمناطق الأثرية والمحميات الطبيعية والتراث الثقافي والطبيعة الساحرة والشواطئ الخلابة.