تبادلنا حبا عمیقا جارفا.. وتعاهدنا على الزواج.. وبدأنا
نحلم بعشنا السعيد.. وتفكر في ميزانية عامنا الأول ..
هي تتقاضى ٤٥ جنيها .. وأنا ٤٥ … أي أن إيرادتنا
تسعون جنيها في الشهر.. ندير بها بيتا أنيقا.. وننفق منها
على طفل.. وبدأنا نكتب أحلامنا.. أرقاما على الورق..
نفقات الأكل.. والشرب.. والثياب.. والمواصلات.. والخادم
والبواب.. والسينما.. والمصيف..
وتبخرت الجنيهات التعسون.. ومازلنا نكتب .. ونكتب.. وكان من الواضح أن أحلامنا أكثر من إيرادنا.. وأننا أفقر من أن نبني العش الأنيق الذي رسمناه في أذهاننا..وبدأنا نفكر..
قلت لها
– سوف أسافر إلى السعودية.. وأقضى عاما في جدة أعود بعده وقد وفرت مبلغا كبيرا.. فتتزوج ونبدأ حياتنا..
ووافقت بعد تردد.. وهي تضغط على يدي في امتنان وتبادلنا قبلة طويلة
وذهبت إلى السعودية.. وبدأت أحترق وحدی.. لا من نار جدة..
ولكن من نار فراقها.. وبدأت أرسل لها خطابات طويلة.. وأقول لها اننی اكتشفت أن الحياة ليست ميزانية ولا أرقاما.. وأن الفرق بين التسعين
والألف ليس هو الشيء الذي يسعد.. وإنما الشيء الذي يسعد هو قلبان متحابان يعطف كل منهما على الآخر.. وأننا نستطيع أن نعيش سعداء بجنيهاتنا التسعين.
وكانت ترسل لي قائلة: إنها اكتشفت هذه الحقيقة هي الأخرى ، وأنها غيرت رأيها..
وكانت خطاباتنا تفيض حنانا ورقة..
وحينها عدت.. كنت أريد أن أراها.. وقد تغيرت إلى امرأة جديدة ..
تنظر إلى الحب كما أنظر إليه.. على إنه مرتب إضافي و کسب أغلى من الذهب..
وقد وجدت أنها قد اقتنعت.. اقتنعت جدا. وأخذت بهذا الرأي
الوجيه .
فتزوجت من زميل الدرس الذي يتقاضى 35 جنيها فقط..
لقد نجحت کمترس.. وفشلت كحبيب.. ابك من أجلي؟..
☆☆☆☆☆☆
رد الدكتور مصطفى محمود:
هناك فئة من الناس تتقن فن الشرح .. ولكنها لا تتقن فن الشعور
وهؤلاء خلقوا مدرسين بالفطرة.. وأنت من هؤلاء..
لقد استطعت أن تعطل كل إحساساتها.. وتمسك لها بالورقة والقلم
وتشطب على إيرادها وإيرادك.. وعلى العش الأنيق الذي بنيتماه.. في
احلامكما۔۔ وقلت.. نحن في حاجة إلى مزيد من الجنيهات.. وكنت مقنعا لدرجة أنها أطلقت من يدها وهي تحبك لتغيب في حر السعودية.. تجمع لها رحيق التهب من الحقول
وحين قضيت سنة تحت شمس جدة، وأفقت على حقيقة جديدة.
كنت غاية في الإقناع في تقديم هذه الحقيقة وشرحها.
وبلغ من نجاحك أنها عملت بوصيتك بحذافيرها قبل أن تغلق
الخطاب فتزوجت من زميلك الفقير الذي لا يتقاضي سوى 35 جنيها
لقد كنت فنانا في تحريك عقلها.. ولكنك لم تحرك قليها قط.. إنها لم تحبك بالقدر الكافي في يوم من الأيام.. لقد كانت تحترمك فقط وتستمع إليث كالتلميذة النجيبة..
إن الحب لا يحركه مهندس يمسك بالمسطرة والبرجل ويرصد
الأرقام في ورقة..
ولكن يحرکه شاعر رفیق مجنون، يلعب على القلب..
النساء – حتى المدرسات منهن يعشقن الشعراء والمجانين!.
مقال : رد مقنع
كتاب : مشكلة حب