رحيل المرحوم الباجي قائد السبسي ترك أزمة في صناعة القرار و فقدان التوازنات الإيجابية بين السلطات

الصورة او المبادرة الوطنية التي نشاهدها اليوم تتضح فوق صورة المشهد السياسي تحت رعاية الأمين العام للإتحاد العام التونسي للشغل هي نتيجة فشل برلماني الذي أصبح حديث السخرية و الاستهزاء الإعلامي و الرأى العام الوطني و العالمي لما نتابعه من تطورات تحت قبة البرلمان من تبادل عنف مادي و معنوي و اعتصامات و لخبطة و فوضى و اعتداء على مؤسسات الدولة و مكتسبات الشعب و انحطاط سلوكي و ضعف التحمل الي المسؤوليات و سلبيات انعكاس ذلك على المجتمع و الدولة و العلاقات الخارجية…. كل ذلك نتيجة انتخابات الدورة الفارطة التي كانت صورة باردة لا تبشر بحيوية او حراك سياسي متجانس متقارب التفكير او المشاريع و إنما دفعت الأحزاب إلى خوض الانتخابات بعد رحيل زعيم الشعب و شريك تأسيس الدولة التونسية الباجي قائد السبسي مما أثر سلبا على نتيجة الانتخابات و فقدان التوازنات السياسية و وقع تغيير خارطة البناء إلى التكتلات البرلمانية و ذلك راجع إلى تفكك حزب النداء و بروز الائتلافات الاعتباطية التواجد اقتحمت الساحة الحزبية و الانتخابات بالشعارات مثل الملح و البترول و كذلك بروز حركات منشقة من نداء تونس الإرث الذي صنع توازنات برلمان 2014 و ساهم في انتشال الشعب و الدولة و الوطن من عنق الزجاجة فبحيث تفرع حزب النخلة إلى مشاريع صغري مثل قلب تونس. آفاق تونس. تحيا تونس. مشروع تونس. البديل التونسي….. لكن التفكك خلق ضعف و ساهم في تغول حركة النهضة التي خلقت تيارات لاستقطاب الناخبين و الحصول على أكثر ما يمكن من مقاعد في البرلمان
و هذا يجعلنا نؤكد مهما بذلت الأحزاب السياسية والنقابات والمجتمع المدني من جهد لتغيير الصورة فلن تفلح لأسباب كثيرة ولعل السبب الأبرز هو انعدام الإرادة السياسية لبناء حياة حزبية خصبة قادرة على طرح البدائل وتناضل سلميا من أجلها ..
في حالة عزوف المثقف و الإطارات و الكفاءات و أصحاب الخبرة ليس عن الانخراط السياسي فقط و إنما الهروب من مراكز القيادة و التسيير و المناصب المدنية العليا مما خلق أزمة التسيير داخل هياكل الإدارات العمومية و المؤسسات مما جعلنا ندرك انعدام الثقة بين المواطن و الدولة و انهيار الإنتاج و الإنتاجية و توقف المصالح العامة و الخاصة و فقدان القدرة على إدارة الأزمات و تهاطل العبث الإداري و انتشار الفساد المالي و التلاعب بالمال العام .. ولعلنا نرى الآن بوضوح الآلاف من الكوادر الذين كانوا في القيادات فترة التغيير و نقصد إطارات حكومة الرئيس الراحل زين العابدين بن علي و بعد اندلاع زمن الثورة انسحبوا من الانخراط في العمل العام و اعتزلوا حتى أنه صار من المعتاد أن تلمح مناضلين و أصحاب مبدأ و وطنيين قاموا بتمهيد الارض لثورة 17 ديسمبر 2010 قد ضربهم الإحباط ولا يفتخرون الآن إلا بأنهم أغلقوا أبواب بيوتهم على أنفسهم وانسحبوا من المشهد.
هذا الكلام ينسحب أيضا على المستقبل لأن من المهام الرئيسية للأحزاب صناعة وبناء الكوادر الشابة ومع حالة الإفلاس التي أصابت الأحزاب فلن نجد أية كوادر شابة تمرست بالعمل السياسي و تتلمذت على أصحاب صناع القرار و لكن للأسف لن يبقى على الساحة الا كوادر شابة جاءت بتجهيزات قوالب جاهزة تشبه حالة الشباب الذي وقع تاطيره في خطة مهنة مندوب المبيعات يتقن الواحد منهم ربط الكرافت وقادر على تغيير السلعة المباعة لمن يدفع أكثر….
تجار بيع الشعارات يتقبلون حسب الاسهم السياسية تواجدهم حسب البورصة و الأوراق النقدية للمال السياسي المتعفن …

 

يكتب اليكم : نورالدين بلقاسم

Comments are closed.