تحصل مرصد رقابة على مؤيدات مهمة تؤكد أن ما تقوم به البنوك منذ أشهر من توظيف فوائض إضافية مجحفة عـلى أقساط القروض التي تمّ تأجيل سدادها بمقتضى إجراءات المساندة للأفراد والمهنيين والمؤسسات بسبب جائحة الكورونا التي اتخذتها الحكومة والبنك المركزي، لم تكن مخالفات واجتهادات فردية لكل بنك، وإنما كان قرارا جماعيا اتخذته تلك البنوك (العمومية منها والخاصة) بتواطئ من البنك المركزي ومن وزارة الاقتصاد والمالية. وينص القرار على ”فوترة التكلفة المنجزة على عملية سداد أقساط القروض المؤجّلة مثل أي عملية تأجيل تسند للحرفاء بصفة عامة وذلك باحتساب الفوائض الممتدة من تاريخ التأجيل إلى تاريخ الخلاص الذي وقع إعتماده“.
وبررت البنوك قيامها بذلك الاتفاق، تحت رعاية الجمعية المهنية للبنوك والمؤسسات المالية، ”بغياب إطار قانوني وترتيبي ينظم ويحدد كيفية معالجة عملية تأجيل الأقساط وسداد الأقساط المؤجلة، وبغياب قرار صادر عن وزارة المالية يسمح للبنوك العمومية بالتخلي عن الفوائض الواجب توظيفها خلال فترة التأجيل“.
ولدينا يقين أن ذلك الفراغ ترك قصدا من طرف البنك المركزي الذي خالف مقتضيات الفصل الأول من مرسوم رئيس الحكومة عدد 19 لسنة 2020 المؤرخ في 15 ماي 2020 الذي ينص على ”أن البنك المركزي يضبط بمقتضى منشور آجال واجراءات تأجحيل تسديد أقساط القروض ..“. واكتفى محافظ البنك المركزي بخطاب فضفاض لدعوة البنوك لعدم تحميل حرفاء البنوك أعباء اضافية.
في حين قام وزبر الاقتصاد والمالية باضفاء شرعية على قرار البنوك عبر تشكيل لجنة خبراء منبثقة عن المجلس الوطني للمحاسبة (الذي يرؤسه) بإعداد رأي بخصوص المعالجة المحاسبية للإجرءات الاستثنائية التي تمّ إتخاذها لمساندة الأفراد والمؤسسات والمهنيين استنادا الى قرار البنوك المشترك. وقام بتوجيه الرأي المذكور الى السيد رئيس الجمعية المهنية للبنوك والمؤسسات المالية في مراسلة بتاريخ 31 ديسمبر 2020 طالبا منه “دعوة المؤسسات المالية المعنية إلى العمل على تطبيقها“.
مرصد رقابة، قام بعد استكمال تقصيه للموضوع، بمكاتبة محافظ البنك المركزي ورئيس الحكومة لتحميلهما المسؤولية ودعوتهما لتحديد الاطار الترتيبي الناقص (قصدا)، وللحث على الالتزام بوعود الحكومة حيال التونسيين، والمطالبة بمهمة رقابية للوقوف على أسباب عدم تقيّد الأطراف المعنية بالتراتيب الصّادرة في هذا الشأن لتحديد المسؤوليات ولردع المخالفين واتخاذ ما يلزم من التدابير لتصحيح الاجراءات وإلغاء كلّ الأعباء التي تمّ تحميلها على المواطنين والمهنيين والمؤسسات بناء على عملية تأجيل سداد القروض.
كما وجه المرصد مراسلة الى رئيس مجلس نواب الشعب ورئيس لجنة المالية بالمجلس للمطالبة بتعهد اللجنة بهذا الموضوع من أجل التقصي في هذه تجاوزات البنوك ومساءلة الأطراف المعنية في إطار دور المجلس الرقابي.
وقام المرصد اليوم بتوجيه شكاية إلى مجلس المنافسة لاعلامه بتشكّل وفاق مخالف للقانون بين البنوك الـتونسية العمومية والخاصة ترتب عنه قيام كل البنوك بالتزامن بتحميل فوائض اضافية مجحفة على الأفراد والمهنيين والمؤسسات. والتمسنا تعهد المجلس بتلك التجاوزات التي تدخل في باب فرض الأمر الواقع على حرفاء كل البنوك وتدخل تحت طائلة الأعمال المخلة بالمنافـسة المنصوص عـليه بالقانون عـدد 36 لسنة 2015 المؤرخ في 15 سبتمبر 2015 المتعلق بإعادة تنظيم المنافسة والأسعار.
وسنواصل سلسلة تحركات قانونية أخرى من أجل الضغط وتحميل المسؤولية وصولا الى مقاضاة كل من تورط في هذا السلوك المنافي للقانون ولواجب التضامن مع المواطني في ظل الأزمة الاقتصادية والاجتماعية الخانقة التي زادت في حدتها اجراءات التوقي من انتشار وباء الكورونا.
وقد قمنا اليوم بتوجيه ملف صحفي متكامل يتضمن كل النصوص القانونية والترتيبية ونسخ من كل المراسلات ومؤيدات التجاوزات المذكورة الى الصحفيين.
وسنواصل اعلام الرأي العام بأي تطورات في الموضوع.