تقرر سنة 2011، بمقتضى مرسوم صادر بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية ادراج مادة تعليمية حول “ثورة 14 جانفي 2011” في كتب التاريخ الخاصة بالبرامج المدرسية، ونص نفس المرسوم على إحياء “ذكرى 14 جانفي” سنويا بصفة رسمية تحت مسمّى “عيد الثورة والشباب”. وهو ما شهده قصر قرطاج أمس، حيث أشرف رئيس الدولة الباجي قائد السبسي على موكب الاحتفال بالذكرى الخامسة لـ”عيد الثورة والشباب”، بحضور العديد من الشخصيات الوطنية، وقد بدء رئيس الجمهورية كلمته بهذه المناسبة قائلا “ها قد مرّت خمس سنوات على انتصار ثورة الحريّة والكرامة الّتي نحتفي بها اليوم كمفخرة للشّعب التّونسي الّذي أبهر العالم ولا يزال بأن حوّل شتاء تونس بين 17 ديسمبر 2010 و 14 جانفي 2011 إلى ربيع للحريّة والأمل”.
وفي المقابل يذهب العديد من نشطاء المجتمع المدني والسياسيين وخاصة أهالي سيدي بوزيد إلى أن “17 ديسمبر هو التاريخ الفعلي لاندلاع الشرارة الأولى للثورة التونسية من عمق الوطن المنسي سيدي بوزيد من خلال شعلة الشهيد محمد البوعزيزي التي صاغها المناضلون الأحرار في ملحمة أسطورية سقوها بدمائهم الزكية حتى يخطو طريقا للحرية والانعتاق انتهى يوم 14 جانفي بفرار المخلوع وانتصار إرادة الشعب”.
وتجدر الإشارة إلى أن البيانات قد تتالت أمس في سيدي بوزيد بمناسبة الذكرى الخامسة للثورة، إذ أصدر كل من ممثلي فروع “الرباعي الراعي للحوار” بجهة سيدي بوزيد (الاتحاد الجهوي للشغل والاتحاد الجهوي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية والفرع الجهوي للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان والفرع الجهوي لعمادة المحامين) بيانا مشتركا اعتبروا فيه “تاريخ 17 ديسمبر عيدا للثورة التونسية و14 جانفي عيدا للنصر سيما” موضحين أن “الثورات لا تؤرخ إلا ببداياتها”.
كما يؤكد العديد من الجامعيين والمؤرخين إلى أن الأصح هو أن تؤرخ الثورة التونسية بيوم انطلاقها، وبالتالي يشيرون إلى أنه كان من الأجدر والأصح 6ان يسمّى العيد رسميا بثورة 17 ديسمبر وليس 14 جانفي.
ولمعرفة الأسباب العميقة وراء الاختلافات حول تسمية “عيد الثورة والشباب”، اتصلت نسمة بالدكتور لمين البوعزيزي الباحث في الأنثروبولوجيا السياسية والثقافية، الذي وضّح أن الثورة التونسية انطلقت يوم 17 ديسمبر عندما أضرم محمد البوعزيزي النار في جسده في سيدي بوزيد، والذي يعتبرها لمين البوعزيزي شرارة الثورة.
من جهة أخرى يقول المؤرخ عميرة علية الصغير أن “الثورات لا تحدد عادة بيوم انطلاقتها بل بالحدث المفصلي فيها”، والحدث المفصلي بالنسبة لمحدثنا هو هروب بن علي، أي تاريخ 14 جانفي.
ويوضّح عميرة عليّة الصغير أن العديد من الثورات قد أُرِّخت بتاريخ الحدث “الكبير”، على غرار الثورة الفرنسية التي دامت نحو 10 سنوات، والتي تأخذ من 14 جويلية 1789 (اقتحام سجن الباستيل) تاريخا رسميا لها باعتبار رمزيته، فالفرنسيون يعتبرون سقوط “الباستيل” هو الحدث “الكبير” في الثورة الفرنسية.
ومن جهة أخرى يرى الباحث في علم الاجتماع، صفوان الطرابلسي، أن عيد “الثورة والشباب” يجب أن يأخذ 17 ديسمبر تاريخا رسميا له، مذكرا بالثورة الليبية التي أُرّخت بتاريخ 17 فيفري موعد انطلاقها، والثورة المصرية التي أُرّخت بتاريخ 25 جانفي موعد انطلاقها.
هكذا إذا تختلف الآراء في التاريخ الرسمي لـ”عيد الثورة والشباب”… ليبقى السؤل الأهم، بعد 5 سنوات ماهي الناجحات التي حقّقتها ثورة 17 ديسمبر/14 جانفي.