بات الأمر جليا وواضحا، سواء للقادة التنظيميين أو للقواعد المنخرطين في حزب “حركة النهضة”، أن راشد الغنوشي قد أنهى فكريا وعقائديا وسياسيا وحتى أخلاقيا الحركة، وها هو حراك 25 جويلية الجماهيري سيجبره على إنهائها تنظيميا ووجوديا… ورغم الديمقراطية الصورية التي يدعيه أعضاء مجلس الشورى، فقد انفرد الغنوشي بسلطة القرار، وبرئاسة أبدية كما أرادها ويريدها له قادته من التنظيم الدولي للإخوان من خارج البلاد، الذين جعلوا منه الشخصية الوحيدة التي تحمل هوية الحركة، والشخصية الوحيدة التي لها حضور دولي وسمعة عالمية تمثل التنظيم، بحيث إن انتهى راشد الغنوشي لأي سبب كان، انتهت “حركة النهضة”، وانتهى التمويل، وانتهى الحضور الدولي… لقد حصل على رئاسة مجلس النواب زورا وبهتانا بعد تحالفه مع الفساد، وكان ذلك بتخطيط من مستخدميه، فأفسد الشأن العام ولم يُصلح وتعامل مع الدولة بمنطق الغنيمة، ومارس الفساد من أوسع أبوابه حين أصر على الخلط بين رئاسة الحركة ورئاسة البرلمان، وتونس بوجوده أصبحت تحت حكم الفساد، فاهتز فيها ميزان العدل، وأشرفت على الإفلاس، وباتت في أحضان الرُخص والعمالة، وبات الشعب التونسي تحت ضغط الرداءة واليأس والإحباط، وكان لزاما أن يُنتج هذا الضغط انفجارا يتلظى بشظاياه التنظيم الإخواني وروافده في تونس، وذلك فعلا ما حصل بإرادة الجماهير الشعبية يوم 25 جويلية… لقد أدرك الغنوشي متأخرا أن طريقه قد أفضت به إلى نهاية ما كان يتمناها ، وأن كل أبواب التاريخ قد سُدّت في وجهه، ولا سبيل إليه للخروج إلا من بوّابة المحاسبة والمحاكمة إلى مزبلة التاريخ… لذلك هو اليوم بعد أن نعت إجراءات الرئيس الاستثنائية في حالة الخطر الداهم، بالإنقلاب، واستقوى بالخارج على الشعب وعلى الدولة، يطأطئ الرأس وينحني، ويطلب من أتباعه الانحناء، واعتبار قرارات الرئيس تحوّلا ديمقراطيا… إنه شخصية مهتزة، متكونة من متناقضات، لا تجتمع إلا في عميل مشبع بالرخص والعمالة والغدر والخيانة…
-محمد الحبيب الأسود-