أظهرت دراسة حديثة تناولت آراء الصينيين غير المتزوجين في الإنجاب، أن 86 في المائة من النساء يعتقدن بأن الإنجاب حق وليس التزاماً، ما يعني أنهن يستطعن القيام بذلك أو رفضه بحسب ظروفهن. وقالت نسبة 50 في المائة من النساء اللواتي شاركن في الدراسة و30 في المائة من المطلقات إنهن غير مستعدات للتخلي عن وظائفهن للبقاء في المنزل.
وناقضت نتائج الدراسة وجهة النظر التقليدية للصينيين التي تعتبر أن الإنجاب يتوّج الزواج المثالي وهو ضرورة اجتماعية ملحة. ويرى مراقبون أن انخفاض الاستعداد للإنجاب لدى غير المتزوجين يرتبط بعوامل الخوف من الإنجاب وارتفاع تكاليفه وتكاليف تربية الأطفال، وعدم التيقن من مستقبل الزواج، ويشيرون إلى أنّ هذه العوامل تضاف إلى تلك التقليدية التي تؤثر في الرغبة بالإنجاب، مثل ارتفاع أسعار العقارات وتكاليف الرعاية الصحية والتعليم، وضغوط العمل والدخل.
وتشير نتائج هذه الدراسة إلى فشل سياسة الحوافز التي إنتهجتها السلطات خلال السنوات الأخيرة في الحدّ من مخاوف الناس، علماً أن البلاد تشهد تراجعاً قياسياً في الإقبال على الزواج والإنجاب، ففي عام 2020، جرى تسجيل 8.14 ملايين زواج مقارنة بـ13.47 مليوناً عام 2013. والعام الماضي، انخفض معدل الولادات إلى 7.5 لكلّ ألف شخص، وهو الأدنى منذ تأسيس جمهورية الصين الشعبية عام 1949.
تعمل يي شوي موظفة في شركة بمدينة شنزن (جنوب)، وقد بلغت الثلاثين من العمر من دون أن تفكر في الزواج والإنجاب، إذ تفضل التفرغ الكامل للعمل من أجل الاستمتاع بالحياة بعيداً عن أي منغصات، وتسأل في حديثها لـ”العربي الجديد”: “ما الذي يدفع امرأة مثلي للزواج إذا كانت تتمتع بقدر كبير من الاستقلال المادي والمكانة المرموقة في عملها، فالاقتران بزوج وبناء أسرة في هذه الحالة أشبه بمن يذهب إلى السجن بقدميه. في بيت الزوجية سأطالب بتنفيذ واجبات تجاه زوجي وعائلته أيضاً، أما الإنجاب فمسألة مختلفة تخضع لضوابط معقدة أبسطها أنك تضع حداً لحياتك الشخصية وأحلامك وطموحاتك، وتبدأ في الذوبان كالشمعة من أجل الآخرين. القيام بذلك قد يبدو إنسانياً وفطرياً، لكنه يتناقض مع الأنا التي تعتبر المحرّض الدائم والأساسي على التطور والتقدم”.
وتقول شين وانغ، التي تعمل في مصنع لتعبئة المشروبات الغازية في بكين، لـ”العربي الجديد”: “لست ضد فكرة الإنجاب بالمطلق، لكنني لا أحبذها في حال عدم توفر أساس مادي متين يؤمن تكاليف رعاية الأبناء منذ ولادتهم حتى حصولهم على شهادة جامعية. لم تعد الحياة بسيطة كما في عهد الأجداد، هناك متطلبات كثيرة ومكلفة، أعمل مع زوجي منذ ثلاث سنوات وبالكاد نستطيع تغطية تكاليف إيجار المنزل ومصاريفنا اليومية، فكيف سيكون الحال إذا أنجبنا طفلاً؟”