ما زال المشروع الحكومي الخاص بتشجيع الزواج يثير الجدال في ليبيا. ففي وقت يرى البعض أنه قد يساهم في الحد من تأخر الزواج في البلاد، يحذر آخرون من آثاره السلبية المتعلقة بسِنّ الزواج وتداعياته على إستقرار الأسر الجديدة وتهديدها بالطلاق المبكر.
وفي مطلع سبتمبر الماضي، أعلن رئيس الحكومة السابق عبد الحميد الدبيبة، بدء صرف منحة زواج تقدر بتسعة آلاف دولار لكلّ شاب وشابة يرغبان في الزواج “من دون أي قيد أو شرط” مشيراً إلى رصد حكومته مبلغ 377 ألف دولار لإنشاء صندوق تيسير الزواج لتزويج 50 ألف شاب وشابة “شرط أن يقدم الشاب ما يثبت إقدامه على الزواج”.
ولقي الإعلان إقبالاً كبيراً من قبل الشباب الذين أقدموا على التسجيل في منظومة إلكترونية مخصصة للصندوق، تزامناً مع الإقبال على عقود القران الجديدة.
وفي مواجهة هذا الإقبال الكبير، سادت موجة من الاعتراضات على جدوى المشروع. فبالإضافة إلى إتهامات الفساد المالي الموجهة للحكومة واستغلال حاجات الشباب لخلق قاعدة شعبية إنتخابية للدبيبة الذي رعى هذا المشروع، تحدث ناشطون وجهات قضائية عن انعكاسات سلبية لهذا المشروع بمرور الوقت.
وأعرب المجلس الأعلى للقضاء، على خلفية الإقبال اللافت على تسجيل عقود قران جديدة من قبل الشباب، عن مخاوفه من أن يكون هدف المقبلين الجدد على عقود القران الحصول على المنحة المالية الحكومية فقط. وشكك في نية المقبلين بشكل كبير على الخطبة وعقود القران، مرجحاً أن “تكون النية المبيتة لهؤلاء هي إبرام هذه العقود للحصول على منحة الزواج”. وحذر من أن يؤدي التسرع في إتخاذ قرار الزواج إلى “تكدس قضايا طلب الطلاق في المحاكم”.
وتزامن موقف مجلس القضاء مع عدد من المواقف الرافضة للمشروع، وتضمن بعضها معلومات من تقرير صادر عن مصلحة الأحوال المدنية في نوفمبر الماضي، وتناقلته وسائل إعلامية ليبية، يبين تسجيل 118 عقد قران جديد لفتيات من مواليد 2006، و25 عقد قران لفتيات من مواليد 2007، بالإضافة لزواج شاب وشابة من مواليد 2008. كما أظهرت أن عدد القاصرات اللواتي تم عقد قرانهن بلغ 940 منذ الإعلان عن المنحة وحتى نهاية نوفمبر الماضي، ما دفع الحكومة إلى الإعلان عن تعديل شروط التقدم للمنحة، على ألا يقل عمر الزوج عن 25 سنة، وعمر الزوجة عن 18 سنة. إلا أن الباحثة الاجتماعية حسنية الشيخ ترى أن ذلك ليس كافياً لمعالجة الآثار والانعكاسات السلبية لهذا المشروع، واصفة القرار بـ “غير المدروس”. وتقول لـ “العربي الجديد” إن “الإعلان الفجائي جعل الشباب يتسابقون إلى الزواج والأسر تسرع لتزويج بناتها دون دراسة للقرار وآثاره”، مضيفة: “تيقظ الجميع لمخاطر القرار عندما أقفلت المنظومة بعد شهر دون الإعلان عن قرب استئنافها، ما جعل الكثيرين من الشباب الذين كانوا على وشك عقد قرانهم يتراجعون”.