كشفت دارسة فريدة أجريت في ألمانيا، بأن غالبية السكان أكدوا وجود عنصرية في البلاد. وبحسب الدراسة فإن نسبة 90 % من الناس في ألمانيا وافقوا على مقولة إن “ألمانيا فيها عنصرية”.
وأظهرت الدراسة، التي تم استعراض نتائجها في برلين، أن الشباب كانوا أكثر عرضة للتجارب العنصرية المباشرة مقارنة بكبار السن.
واعتمدت الدراسة التي أجراها المركز الألماني لأبحاث الهجرة والاندماج، على استطلاعات للرأي لمختلف الفئات العمرية اعتبارا من 14 عاما، بالإضافة إلى التركيز على ستة من الأقليات وهم أصحاب البشرة الداكنة والمنحدرين من أصول مسلمة وآسيوية ويهودية، فضلا عن المنحدرين من أوروبا الشرقية وطائفتي السينتي والروما، إضافة للغجر.
وأشارت الدراسة إلى أن العنصرية تنوعت حيث كان هناك تمييز بسبب لون البشرة والشعر، وأيضا من خلال المكونات الثقافية، مثل لبس الحجاب أو الملابس المختلفة، أو حمل إسم أجنبي.
وأكد القائمون على الدراسة أنه بشكل عام قال 58 % من المنتمين لهذه الفئات، إنهم تعرضوا لمرة واحدة على الأقل لحوادث عنصرية. وبلغت النسبة نحو 73 % في المرحلة العمرية بين 14 و24 عاما و24% تقريبا في الفئة العمرية الأكبر من 65 عاما.
فيما يخص إجابات المشاركين في الدراسة من الحاصلين على درجات تعليمية مرتفعة، فإن تعرضهم للعنصرية لا يرتبط بما يطلق عليه “الاندماج الناجح”، كما أشارت نايكا فروتان، مديرة المركز.
وفي الوقت نفسه، هناك ظواهر يسميها فريق الدراسة “تدرجات مرحلية”، على سبيل المثال التمييز في سوق العمل أو الإسكان: “إذا كان الأمر يتعلق باليهود أو أصحاب البشرة الداكنه، يميل الناس إلى أن يكونوا أكثر استعدادا لملاحظته ووصفه بالعنصرية، مقارنة بالتصرف ذاته مع الغجر أو المسلمين”.
الوضع مشابه بالنسبة للمتضررين أنفسهم: “إنهم لا يتصرفون بشكل أقل عنصرية مع الآخرين”.
وبشكل عام فإن ثلثا سكان ألمانيا تعرضوا للعنصرية من خلال تجاربهم الخاصة أو ملاحظاتهم أو أوصاف بيئتهم المباشرة، وفقا للدراسة التي استندت إلى مسح تمثيلي لـ5000 شخص.
وبغض النظر عن تجربتهم الخاصة، اعترف 90 % من الشعب في ألمانيا بوجود العنصرية في البلاد. وذكر 81 % أن الأفراد يمكن أن يتصرفوا “بطرق عنصرية” حتى لو لم يقصدوا ذلك.
ورغم أن 9% فقط من المشاركين في الدراسة يعتقدون أن بعض المجموعات العرقية أو الشعوب تتميز بذكاء أكبر من غيرها، إلا أن نحو ثلث المشاركين تقريبا قالوا إنهم يعتقدوا أن بعض المجموعات العرقية أو الشعوب “تتميز باجتهاد فطري” أكثر من غيرها.
ووفقا للدراسة، فإن 70% ممن استُطلعت آراؤهم أعربوا عن استعدادهم للانخراط ضد العنصرية بطرق مختلفة. وفي الوقت نفسه، يرى ثلث الذين شملهم الاستطلاع أن ضحايا العنصرية “مفرطو الحساسية”، ونصفهم تقريبا يعانون من “القلق غير الضروري”.
وفي الوقت الذي قال فيه أكثر من نصف المشاركين في الدراسة، إن إطلاق النكات اعتمادا على أحكام مسبقة مرتبطة بمجموعات دينية أو عرقية، يندرج تحت تعريف العنصرية، لكن الآراء اختلفت في تحديد هذه “النكات المرتبطة بأحكام مسبقة”.
أيضا فإن النتائج الصادرة تشير إلى أن واحدا من كل أربعة أشخاص في ألمانيا يعرف تماما أن بعض العبارات المقصود بها المجاملة، يمكن أن تفهم كعنصرية، موضحة أن الجملة التقليدية التي يعرفها الكثير من الأجانب في ألمانيا وهي “لكنك تتحدث الألمانية بشكل جيد جدا”.
وقالت ليزا باوس، وزيرة شؤون الأسرة وكبار السن والمرأة والشباب في ألمانيا، في تقديم الدراسة، التي كانت إيذانا ببدء مراقبة طويلة الأمد للعنصرية في البلاد، إن “التطرف والعنصرية يثيران قلقنا جميعا”.
وناقشت مواقع التواصل الاجتماعي هذه الدراسة “الصادمة”، وقالت مواقع اخبارية ألمانية إن هذه الدراسة تعدّ تأكيدا لكل من لا يصدق أن هناك عنصرية كبيرة موجودة داخل المجتمع” الألماني.
وكانت دراسة ألمانية سابقة قد بيّنت أنه بالرغم من وجود ممارسات عنصرية بحق العديد من الفئات والمجموعات التي تعيش في ألمانيا، بيد أن الضحايا لا يدافعون عن أنفسهم أمام هذه الاعتداءات.
وبحسب الدراسة السابقة فإن عدم دفاع الضحايا عن أنفسهم يأتي لخوفهم من تأثير أكبر على حياتهم العملية والشخصية، خاصة أن الضحايا يشعرون بأنهم خذلوا من المجتمع وبأنهم سيكونون لوحدهم دون داعم، في ظل عدم وجود قوانين أو جمعيات تدعمهم بشكل قوي للأخذ بحقوقهم.