️
أشرفت حرم رئيس الجمهورية إشراف شبيل ورئيسة الحكومة نجلاء بودن رمضان، مساء أمس السبت 13 أوت 2022، على موكب الإحتفال بالعيد الوطني للمرأة التونسية بمعهد نهج الباشا، بحضور أعضاء الحكومة.
وقبل إنطلاق موكب الإحتفال،إطلعت حرم رئيس الجمهورية، ورئيسة الحكومة على محتويات المعرض الذي أقيم بالمناسبة وتضمن 25 معلقة تروي تاريخ مجلة الأحوال الشخصية، وقدمته وزيرة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن آمال بلحاج موسى.
وفي كلمتها الإفتتاحية نوهت حرم رئيس الجمهورية إشراف شبيل، برمزية إختيار معهد نهج الباشا الذي وصفته بالمعلم التاريخي نظرا لدوره البارز في تكوين أجيال من النساء، مُعدّدة ما تحقق للمرأة التونسية من مكاسب وما أنجزته من نجاحات في عدة قطاعات، كما عادت على دور المرأة في الحركة التحرّرية، مستحضرة في هذا السياق المظاهرة التي خرجت ضدّ السياسات التعليميّة من نهج الباشا مطالبة ببعض الإصلاحات.
وتوقفت إشراف شبيل عند دور المرأة في المطالبة بحقوقها منذ النصف الأول من القرن 20 معتبرة أنها لا تزال تكابد من ضنك وعناء في الريف وفي المدن، وأن الحقوق الاقتصادية والإجتماعية للمرأة مهضومة وفي أحسن الأحوال منقوصة.
وأكّدت على ضرورة شدّ العزائم لمزيد الإحاطة بالمرأة والأسرة بقولها: “العزيمة أقوى والإرادة أعتى وأشدّ”.
كما أعربت اشراف شبيل عن الفخر والإعتزاز بدور المرأة داخل تونس وخارجها في تدعيم البناء الأسري والحفاظ على الهويّة الوطنية وترسيخ فخر الإنتماء إلى تونس ومواكبة مقتضيات الحداثة وبناء الدولة الوطنية مع دعم هذه المكاسب على أوسع نطاق وذلك من أجل القضاء على جميع أنواع التمييز ضدّ المرأة خاصة في الوسط الريفي والأحياء ذات الكثافة السكانية المرتفعة، وترسيخ دورها كحصن منيع ضدّ كل مظاهر التطرّف والإنغلاق وكشريك فاعل ومؤثر في الشأن العام في سائر الخيارات الوطنية.
كما عبّرت عن الفخر بهذه الإنجازات التي ضمنها دستور الجمهورية الجديدة في إطار رؤية متكاملة لتكريس حقوق الإنسان في أنبل معانيها وأشمل مضامينها، ونحن مدعوون اليوم لا فقط للحفاظ عليها بل لدعمها وتطويرها، مشيرة إلى أن تونس هي أول دولة عربية تكون فيها المرأة متقلّدة لمنصب رئيسة حكومة وهي من المفاخر التي سيخلّدها التاريخ.
وفي الختام، إعتبرت حرم سيادة رئيس الجمهورية أن مطلب الكرامة الوطنية التي نادى بها الشعب التونسي في ثورته المجيدة يتطلّب أن تنال المرأة حقوقها كاملة دون تمييز أو إقصاء أو تهميش، داعية إلى تضافر جهود جميع الأطراف من أجل تعميق النقاش حول حقوق المرأة ودورها الفاعل في الأسرة وفي المجتمع ضمن رؤية متكاملة في الإصلاح وتكريس حقوق الانسان.
من جهتها إعتبرت رئيسة الحكومة نجلاء بودن رمضان أن إختيار المعهد الثانوي بنهج الباشا لإحياء العيد الوطني 66 للمرأة التونسية يعود لما يحمله هذا المعهد من رمزية تاريخية بإعتباره أوّل من فتح أبوابه لتعليم البنات منذ بداية القرن 20، مبرزة في هذا الخصوص أن عيد المرأة يؤرّخ لإحدى أهمّ المحطات في تاريخ الدولة التونسية الحديثة وهي صدور مجلّة الأحوال الشخصية في 13 أوت 1956 كأوّل نصّ قانوني يصدر غداة الاستقلال كاشفا بذلك عن أبرز ملامح وتوجّهات الدولة الوطنيّة القائمة على المساواة والمواطنة والاعتراف بدور المرأة الحيوي في عمليّة البناء الوطني والمجتمعي.
وعدّدت رئيسة الحكومة مزايا مجلّة الأحوال الشخصيّة التي رسمت بدورها أبرز سمات بلادنا لتصبح أحد أهمّ هويّتنا الوطنية ومن مقوّمات اشعاع تونس إقليميا ودوليا، حيث لم تختزل هذه المجلّة الفكر التنويري التقدّمي للزعيم بورقيبة فحسب وانّما تراثنا الحضاري والإصلاحي ونضالات رائدات الحركة التنويريّة على غرار الجازية الهلالية والسيدة منوبية وبشيرة بن مراد وعزيزة عثمانة وتوحيدة بالشيخ التي تحدّثت حينها عن الصحة الإنجابية وأروى القيروانية التي كانت أوّل من إشترطت عدم تعدّد الزوجات في عقد الزواج.
واعتبرت نجلاء بودن رمضان أن اعتماد مجلة الأحوال الشخصية منذ 66 عاما وإقرار يوم 13 أوت عيدا وطنيا للمرأة دلالة على ما تحقّق للمرأة التونسية والمجتمع من مكاسب تاريخية مشيرة في هذا الخصوص أن المساواة بين الجنسين ليست مجرّد قضيّة تهمّ المرأة فحسب بل تتجاوز ذلك لتشمل حقّ الجميع في إقامة مجتمعات سليمة ومندمجة وأكثر انصافا وشمولا.
وعرّجت رئيسة الحكومة على ما حقّقته تونس من مكاسب على درب حماية حقوق المرأة وتكريسها في التشريع والممارسة عبر سنّ قوانين تقدّمية جعلتها نموذجا يحتذى به إقليميا ودوليا حيث كانت بلادنا سباقة في الاعتراف بحقّ المرأة في الإنتخاب من خلال مشاركتها في الانتخابات البلدية منذ سنة 1957 حتى قبل وضع دستور 59، سابقة بذلك عديد الدول حتى الغربيّة ما يمكّن من ريادة بلادنا في التمكين السياسي للمرأة وإشراكها في الشأن العام والحياة السياسية.
واعتبرت أن الدستور الجديد يكرّس كل هذه التوجّهات ويؤكد على المساواة بين جميع المواطنين والمواطنات حيث ينصّ في الفصل 51 على التزام الدولة بحماية الحقوق المكتسبة للمرأة والعمل على دعمها وتطويرها مع ضمان تكافؤ الفرص بين الرجل والمرأة في تحمّل مختلف المسؤوليات وفي جميع المجالات والسعي إلى تحقيق التناصف مشيرة إلى أن المرأة التونسية تحتلّ المراتب الأولى من حيث نسبة الباحثات في قطاع البحث العلمي التي تناهز 55% من مجمل الباحثين لتتصدّر بذلك المرتبة الاولى افريقيا وعربيا وفق آخر احصائيات اليونسكو.
والتزاما بمبادئ التناصف وتكافؤ الفرص لتحقيق المساواة بين الجنسين، أشارت رئيسة الحكومة إلى إقرار الإستراتيجية الوطنية للنوع الاجتماعي وادماج هذه المقاربة في السياسات والتخطيط والتقييم والميزانيات على مستوى البرامج وطنيا وجهويّا ومحلّيا، معتبرة أن التمكين السياسي للمرأة يُشكّل أحد أهمّ أركان التنمية الشاملة ما يستدعي بناء للقدرات واذكاء للمهارات حتى تكون المرأة عنصرا فاعلا في إدارة الشأن العام.
وأكّدت رئيسة الحكومة أن التمكين الاقتصادي للمرأة يُعدّ شرطا أساسيا لتحقيق التنمية المستدامة وتدعيم مكاسبها وعادت في هذا الإطار على دفع المبادرة الاقتصادية النسائية وإطلاق البرنامج الوطني “رائدات” باعتمادات مالية قدرها 50 مليون دينار قصد احداث 3000 مشروع وأكثر من 8000 موطن شغل.
كما توجّهت بودن بتحيّة تقدير وتكريم للمرأة الريفيّة على ما تقدمه لعائلتها ومحيطها ووطنها من اسهام فاعل في النمو الاقتصادي والاجتماعي وعلى ما توفّره من مقوّمات صمود إزاء الأزمات وجميع أشكال الاستغلال مثمّنة دور هذه الفئة النسوية في النهوض الاقتصادي، مشدّدة على مزيد العمل على إيلاء الأهمية التي تستحقّها في البرامج الحكومية لفتح الآفاق أمامها والرفع من نسق برامج التدخّل لفائدتها.