انطلقت، اليوم الجمعة 23 سبتمبر 2022 عند الساعة الخامسة بتوقيت غرينتش، “استفتاءات الضمّ” في أربع مناطق أوكرانية خاضعة لسيطرة روسيا الكاملة أو الجزئية، وفق ما أوردت وكالات أنباء روسية، في خطوة تصفها كييف والغرب بأنها “صورية”.
وسيستمر التصويت حتى 27 سبتمبر الجاري في دونيتسك ولوغانسك الانفصاليتين المواليتين لروسيا شرق أوكرانيا، وفي منطقتي خيرسون وزابوريجيا الخاضعتين لسيطرة الروس جنوب أوكرانيا، في خضم الغزو العسكري الروسي على البلاد.
وكانت السلطات التي قامت موسكو بتعيينها في أربع مناطق أوكرانية تمثل نحو 15 بالمئة من الأراضي الأوكرانية ، قد أعلنت الثلاثاء عزمها على تنظيم استفتاءات عاجلة بشأن الانضمام إلى روسيا، وذلك بدءا من 23 ولغاية 27 سبتمبر الجاري.
لكن لا تسيطر روسيا بشكل كامل على أي من المناطق الأربع، وتسيطر على نحو 60 بالمئة فقط من دونيتسك.
وهذه الاستفتاءات التي يجري الإعداد لها منذ شهور ستكون مشابهة للاستفتاء الذي أجري في 2014 بالقرم وأضفى الطابع الرسمي على ضمّ روسيا لشبه الجزيرة الأوكرانية.
وفي منطقتي دونيتسك ولوغانسك واللتين اعترف بوتين باستقلالهما حتى قبل بدء غزو أوكرانيا في فبراير/شباط، سيُطلب من السكان الإجابة عما إذا كانوا يؤيدون “انضمام جمهوريتهم إلى روسيا”، بحسب وكالة الأنباء الروسية تاس. وفي خيرسون وزابوريجيا سيُطرح السؤال: “هل تؤيد الانفصال عن أوكرانيا، وإقامة دولة مستقلة وانضمامها إلى الاتحاد الروسي بوصفها تابعة للاتحاد الروسي؟”.
كما أوضحت تاس أنه “نظرا لضيق الوقت والافتقار إلى المعدات التقنية، اتخذ القرار بعدم إجراء تصويت الكتروني واستخدام البطاقات الورقية التقليدية”. وستكون الإجراءات في المناطق الأربعة غير تقليدية إلى حد بعيد، بحسب تاس. ففي الأيام الأربعة الأولى سيتوجه المسؤولون إلى منازل الأهالي لجمع البطاقات ثم تُفتح مراكز اقتراع في اليوم الأخير أي الثلاثاء، أمام السكان للإدلاء بأصواتهم.
وقال رئيس “جمهورية لوغانسك” المعلنة من جانب واحد ليونيد باسينشيك، لوكالة تاس إن المنطقة تنتظر هذا الاستفتاء منذ 2014 مضيفا: “إنه حلمنا المشترك ومستقبلنا المشترك”. كما قال فلاديمير روغوف، مسؤول في الإدارة المدعومة من روسيا في تلك المناطق: “بدأ التصويت في الاستفتاء على أن تصبح منطقة زابوريجيا جزءا من روسيا باعتبارها كيانا أصيلا من روسيا الاتحادية! إننا عائدون إلى الوطن!”.
وتقول روسيا إن الاستفتاءات فرصة لسكان المنطقة للتعبير عن آرائهم. وقال وزير الخارجية سيرغي لافروف هذا الأسبوع: “منذ بداية العملية.. قلنا إن شعوب المناطق المعنية يجب أن تقرر مصيرها”.
وقلّل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الثلاثاء من أهمية “الاستفتاءات” التي يعتزم انفصاليون موالون لموسكو تنظيمها في مناطق أوكرانية تحتلها قوات موسكو لضمها إلى روسيا، مثمنا إدانة الغرب لهذا المشروع. وقال زيلينسكي في رسالته اليومية المسائية: “أشكر جميع أصدقاء أوكرانيا وشركائها على إدانتهم الشديدة والحازمة لنوايا روسيا تنظيم استفتاء زائف آخر”.
كما قال سيرغي جايداي، الحاكم الأوكراني لمنطقة لوغانسك، إن مدير إحدى الشركات في بلدة بيلوفودسك التي تسيطر عليها روسيا، أخبر الموظفين أن الاستفتاء إلزامي وأن من يرفضون المشاركة سيُطردون وتسلم أسمائهم إلى جهاز الأمن. وأضاف أن السلطات الروسية في بلدة ستاروبيلسك منعت السكان من المغادرة حتى الثلاثاء مع إرسال مجموعات مسلحة لتفتيش المنازل وإجبار الناس على الخروج للمشاركة في الاستفتاء.
والأربعاء، نددت تركيا بمخطط موسكو “غير الشرعي” لإجراء استفتاء يهدف إلى ضم أربع مناطق أوكرانية تسيطر عليها القوات الروسية. حيث قال بيان صادر عن وزارة الخارجية التركية إن “أمرا واقعا كهذا لن يحظى باعتراف المجتمع الدولي”.
من جهته، رأى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن أي استفتاء بشأن الضم لن تكون له أهمية من الناحية القانونية. وقال للصحافيين في نيويورك: “أعتقد أن ما أعلنت عنه روسيا مهزلة” مضيفا أن “فكرة تنظيم استفتاءات في مناطق تشهد حربا، وتتعرض لقصف، هي قمة السخرية”.
بدوره ندد الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) ينس ستولتنبرغ بالاستفتاءات، معتبرا أنها تصعيد إضافي في الحرب التي يشنها الكرملين.
ويعتقد أن نتائج الاستفتاء ستكون حتما لصالح روسيا. وكانت النتيجة الرسمية للتصويت في شبه جزيرة القرم في 2014، الذي قوبل بانتقادات دولية بوصفه مزورا، هي تأييد الضم بنسبة 97 بالمئة. ولن يكون هناك مراقبون مستقلون على التصويت، وفر كثير من السكان الذين كانوا يقطنون تلك المناطق قبل الحرب.
رويترز