يشهد المغرب حالة من الجدل بعد تقديم ثلاثة عروض مسرحية للكيان الصهيوني في الآونة الأخيرة لأول مرة بين مرحب ومعارض، فيما سجل إقبال جماهيري محدود على القاعات التي احتضنت العروض.
وفي أيام 14 و15 و16 سبتمبر، عرضت على خشبة مسرح محمد الخامس في الرباط مسرحيات (أم كلثوم) و(فريد الأطرش) و(بابا عجينة) لفرقة المسرح العربي في يافا، التي تقول إنها تتبنى نظرة ثنائية في اللغة والدمج بين الثقافتين والتراثين العربي والعبري بهدف “التقارب”.
وسلطت مسرحية (أم كلثوم) الضوء على مسيرة المغنية المصرية الشهيرة وأهم أعمالها ومحطاتها الفنية، كما تضمنت أوركسترا لأداء بعض أشهر أغانيها، كما تحدثت مسرحية (فريد الأطرش) عن مساره الفني ومسار أخته المغنية أسمهان من خلال أشهر ألحانه وأغانيه.
بدورها، استعرضت مسرحية (بابا عجينة) نمط عيش أسرة يهودية من أصول عربية تعاني بسبب الاندماج في الثقافة الإسرائيلية بعد هجرة الوالدين إلى إسرائيل في قالب كوميدي تراجيدي.
في السياق، صرحت المخرجة والممثلة الإسرائيلية خانة وزانة جرونوالد بأنها استلهمت العرض من قصة حياتها، حيث هاجر والداها من المغرب إلى إسرائيل ووجدت بعض الصعوبات في البداية للاندماج في المجتمع الجديد.
وقالت جرونوالد: “شعرت بترابط قوي بيني وبين الجمهور يبعث على الارتياح، التجاوب كان جميلا ودافئا”. وتم عرض هذه المسرحيات بمبادرة من المنتدى الدولي للتعاون المغربي الأفريقي، والمجموعة الثقافية الرباط-يافا.
“تطبيع ثقافي وفني”
وأثارت العروض الصهيونية حفيظة بعض المؤيدين للقضية الفلسطينية ومنهم عزيز الهناوي الكاتب العام للمرصد المغربي لمناهضة التطبيع الذي قال: “التطبيع الثقافي والفني أخطر من التطبيع السياسي والدبلوماسي والأمني، لأنه يستبدل السردية الحقيقية للمحتل تحت غطاء الفن والثقافة”. وتساءل الهناوي: “هل أم كلثوم وفريد الأطرش منتج عربي أم صهيوني؟”.
وسبق لفرق فنية صهيونية أخرى زيارة المملكة والمشاركة في بعض المناسبات خلال الأعوام القليلة الماضية، ومنها أوركسترا الموسيقى في أشدود، إلا أن العروض المسرحية الجديدة أخذت شكل التعاون المؤسسي.
من جانبه، صرح الممثل والموسيقي زيوار بهلول: “هذه أول مرة يعرض المسرح العربي العبري في دولة عربية، ويسعدنا جدا أن نفتتح هذه الجولة بالمغرب”. وتابع بهلول: “كنا قد بدأنا عروضا في عدة مدن فرنسية، لكن توقفنا بسبب (جائحة فيروس) كورونا، وإن شاء الله نقدر نوصل لعدد كبير من الدول العربية لأننا نريد أن ترى الدول العربية الفن الذي نقدمه”.
أحزاب ونقابات تتحرك
وتقف النقابات الفنية الصهيونية في عدد من الدول العربية باستمرار ضد أي تبادل ثقافي مع الدولة العبرية بسبب “ممارساتها في الأراضي الفلسطينية”. وطالب جمال العسري منسق (الجبهة المغربية لدعم فلسطين وضد التطبيع) المكونة من 18 هيئة حقوقية وحزبية ونقابية مغربية بوقف عروض الكيان الصهيوني، وأكد أن الجبهة ستخوض كل الأشكال الاحتجاجية في سبيل ذلك.
وكان نائب رئيس بعثة الكيان الصهيوني في المغرب إبال ديفيد قد قال للصحافة عند تقديمه لأول عرض مسرحي (أم كلثوم) الأربعاء الماضي إن هذه العروض “بداية التعاون بين المغرب وإسرائيل في ميدان المسرح بما يجسد رؤية العاهل المغربي محمد السادس في النهوض بالعيش المشترك والتعايش خاصة بين المسلمين واليهود”.
وعقب العرض الأخير (بابا عجينة) الجمعة، الذي حظي بأقل إقبال جماهيري بين العروض الثلاثة، قال مسرحي شاب إنه تابع التجربة كاملة للاطلاع والتعرف على شيء مختلف. وأكد “أتدرب في فرقة مسرحية مغربية، وحضرت عروض المسرح العبري العربي من الأول. لا أرى غضاضة في الأمر”.
فرانس24/ رويترز