علقت الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري على قرار قاضي التحقيق بالمحكمة الابتدائية بتونس، المؤرخ في 7 أكتوبر 2022، والمتعلق بمنع حلقة من برنامج “الحقائق الأربع” بالقناة التلفزيونية الخاصة “الحوار التونسي”، والذي قالت إنه جاء “بحجة ضمان حسن سير الأبحاث والحفاظ على سرية التحقيق”.
وعبرت “الهايكا”، في بلاغ لها، عن رفضها لما وصفته بـ”التوسع غير المبرر في استعمال مفهوم سرية الأبحاث” وتحويله إلى أداة للحد من دور الصحافة المحوري في كشف الحقيقة.
كما حذّرت من “خطورة استسهال بعض القضاة اللجوء إلى الرقابة المسبقة وتحويل هذا الإجراء إلى أداة للصنصرة في تهديد واضح لحرية الصحافة لما فيه من ترهيب للصحفيين وتأثير على استقلالية المؤسسات الإعلامية”.
وأشارت إلى أنّ واجب احترام سير التحقيق وعدم كشف معطيات من شأنها التأثير في الأبحاث أو المس من الحياة الخاصة للأشخاص أو خرق قرينة البراءة لا يعني تعطيل العمل الصحفي بالكامل وتحويل سرية الأبحاث إلى تعلة لحجب المعلومة.
ودعت الهايكا وزارة العدل والمؤسسات القضائية إلى وضع حد لهذه التجاوزات وتحمل مسؤوليتها في ضمان تطبيق القانون وحماية الحقوق والحريات واحترام مبادئ حرية الإعلام وصلاحيات الهيئة التعديلية.
كما ذكّرت بأن حرية الصحافة حق أساسي وأن سرية الأبحاث استثناء لا يجب التوسع في تأويله إلى درجة المس من الحقوق الدستورية للصحفيين وعلى رأسها منع الرقابة المسبقة على المضامين وسرية مصادرهم وحق المجتمع في المعلومة. كما ذكّرت بأن القطاع السمعي البصري يخضع لآلية التعديل التي يضبطها المرسوم عدد 116 لسنة 2011 والذي يعهد للهيئة، بصفة حصرية، مهمة مراقبة مدى تقيد القنوات التلفزيونية والإذاعية بالقوانين والتراتيب الجاري بها العمل، واتخاذ الإجراءات اللازمة في حالة ثبوت خروقات على مستوى المضامين التي تبثها، وفق نص البلاغ.
وأكّدت دعمها لكل المبادرات والمجهودات الرامية لتقديم مضامين إعلامية ذات جودة تمكن الإعلام التونسي من القيام بدوره في ترسيخ دولة القانون والمؤسسات ومحاربة مظاهر الفساد.
وحثّ البلاغ كافة المؤسسات الإعلامية السمعية البصرية والصحفيات والصحفيين على الحرص على جودة المضامين والتنويع في الأشكال الصحفية من ذلك الصحافة الاستقصائية والعمل في إطار قواعد المهنة وأخلاقياتها دون الوقوع في الصنصرة الذاتية.