أكّدت الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري، اليوم السبت 19 نوفمبر 2022، رفضها لما ورد في قرار الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات عدد 31 لسنة 2022، مؤرخ في 18 نوفمبر 2022، والمتعلّق بتنقيح واتمام القرار عدد 8 لسنة 2018 المؤرّخ في 20 فيفري 2018 المتعلّق بضبط القواعد والشروط التي يتعين على وسائل الإعلام التقيد بها خلال الحملة الانتخابية وحملة الاستفتاء، “والذي تضمن توجها خطيرا يُهدد شفافية التغطية الإعلامية للانتخابات ونزاهتها وسلامتها في خرق صارخ للدستور والقانون”.
وأشارت الهايكا، في بلاغ لها، إلى أنّ تنصيص هيئة الانتخابات على أن لها “الولاية الكاملة على الشأن الانتخابي دون سواها بدل “الولاية العامة” يتضمن خرقا خطيرا للفصل 134 من الدستور والقانون الانتخابي برمته على اعتبار ما سينجر عنه من فوضى في إدارة التغطية الإعلامية للحملة الانتخابية وما سيترتب عنه من إقصاء لمختلف الأطراف المتدخلة في الشأن الانتخابي بما في ذلك الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري ومحكمة المحاسبات والمحكمة الإدارية.
كما نبهت الهيئة إلى خطورة الفصل 18 رابعا (جديد) الذي تحيل بمقتضاه هيئة الانتخابات وسائل الإعلام على أنظار النيابة العمومية في مخالفة للفصلين 37 و38 من الدستور وللقانون الانتخابي، وهو يُشكل سابقة خطيرة تُهدد حرية التعبير والصحافة وتعود بنا إلى سياسة ترهيب وسائل الإعلام.
وأشارت إلى أنّه أمام تصاعد حملات التضليل ضدها وضد أعضاء مجلسها إلى درجة اتهامها بتعطيل المسار الانتخابي، فإن الهيئة تُؤكد أن مواقفها في مختلف المحطات الانتخابية السابقة تستند إلى وعيها الراسخ بأن مهمتها تندرج في إطار ضمان المسار الديمقراطي واحترام القانون والمؤسسات.
وذكّرت الهيئة بالسياق الذي لجأت فيه إلى إصدار القرار التوجيهي المتعلق بتنظيم التغطية الإعلامية السمعية البصرية للحملة الانتخابية التشريعية قبل أسبوع من بداية الحملة الانتخابية التشريعية مشيرة إلى أن لجوء الهيئة، لإصدار قرارها التوجيهي لوسائل الإعلام السمعي البصري، إنما هو إجراء حتمه التأخير في إصدار القرار المشترك مع الهيئة العليا المستقلة للانتخابات والحرص على ضمان استعداد وسائل الإعلام لهذا الاستحقاق. ويهم الهيئة، في هذا الإطار، التشديد على أنها كانت أول من نبه إلى خطورة عدم التواصل بين الهيئتين والتأخير في مناقشة القرار، باعتبار الانعكاسات الجوهرية لتغيير النظام الانتخابي، من نظام اقتراع على القائمات إلى اقتراع على الأشخاص، على قواعد التغطية الإعلامية للحملة الانتخابية. ومقابل ما ابدته الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري من حرص على تأمين تغطية إعلامية تحترم المعايير القانونية والمهنية، ارتأت هيئة الانتخابات تأجيل النقاش بتعلّة انتظار انتهاء تقديم الترشحات.
وتابع “لقد استعصت مسألة التواصل مع هيئة الانتخابات منذ أن بادرت في 2 نوفمبر 2022 بتنظيم عملية تسجيل حصص التعبير المباشر مع مؤسسة التلفزة التونسية دون الرجوع للهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري التي علمت بذلك عبر وسائل الإعلام، علما أنّ التعبير المباشر يشكّل جزءًا لا يتجزأ من القرار المشترك. لهذا فان المجلس يرى أن المراسلات لهيئة الانتخابات واللاحقة لهذا التاريخ تندرج ضمن سياسة تضليلية لا تليق بمؤسسات الدولة التي يتوجب عليها التحلّي بمسؤولية أكبر في التعامل مع مثل هذه القضايا ترسيخا لقيم التشاركية وضمانا لشفافية الحملة الانتخابية، خاصة أمام الوضع الصعب الذي تمر به البلاد”.
وشدّد مجلس الهيئة على أن الهدف من وضع قواعد التغطية الإعلامية للحملة الانتخابية هو إرساء دعائم الثقافة الديمقراطية وترسيخ قيمها من خلال تأمين الحضور الإعلامي لجميع الحساسيات الفكرية والسياسية التي تمارس أنشطتها في إطار القانون، وعليه قرر المجلس الاحتفاظ بحقه في اللجوء إلى القضاء اعتبارا لما يُمثله قرار هيئة الانتخابات من خطر على صفاء المسار الانتخابي وشفافيته ونزاهته وما يشكله من انعكاسات سلبية على مستقبل حرية التعبير والصحافة في تونس.