تمكن فريق علمي من حل لغز “جريمة قتل خلوية” بعد نحو 25 عاما، عندما حدث “قتل جماعي” للخلايا في ذباب الفاكهة وربطه العلماء بمرض مناعي نادر يصيب الإنسان.
وتوصل العلماء، بعد سلسلة من الأدلة التي بدأت من ذباب الفاكهة إلى الفئران والبشر، منذ نحو 25 عاما، إلى أن الخلايا آكلة لحوم البشر من المحتمل أن تسبب نقصا نادرا في المناعة البشرية. ويظهر هذا الاكتشاف الآن وعدا بتعزيز علاج السرطان الجديد.
ووجد الفريق أن إضافة شكل مفرط النشاط من البروتين Rac2 إلى الخلايا البلعمية، وهي الخلايا المناعية التي تأكل مسببات الأمراض، يؤدي إلى تفكيك الخلايا التائية.
وقالت دينيس مونتيل من جامعة كاليفورنيا في سانتا باربرا ورئيسة مختبر البيولوجيا الجزيئية والخلوية والتنموية حيث تم إجراء البحث: “تأخذنا هذه الورقة من بيولوجيا الخلية الأساسية للغاية في الذبابة، إلى شرح مرض يصيب الإنسان وتسخير تلك المعرفة لعلاج السرطان”.
ونشر العلماء في مختبر مونتيل النتائج التي توصلوا إليها في محلة Proceedings of the National Academy of Sciences ويقومون الآن بالتحقيق في الآليات والآثار المترتبة على ذلك.
الجين القديم
يعد Rac2 أحد جينات Rac الثلاثة الموجودة في البشر والتي تقوم بتشفير البروتينات التي تلعب دورا حاسما في حركة الخلايا الحيوانية.
وتقول مونتيل: “إن Rac لديه تطور قديم جدا، لذا يجب أن يخدم وظيفة أساسية”. وتساعد بروتينات Rac في بناء سقالات الخلية، والتي تسمى الهيكل الخلوي. ويتكون الهيكل الخلوي من خيوط ديناميكية تسمح للخلايا بالحفاظ على شكلها أو تشوهها، حسب الحاجة.
وفي عام 1996، وفي أثناء دراسة مجموعة صغيرة من الخلايا في مبيض ذبابة الفاكهة، رجحت مونتيل أن بروتينات Rac لها دور فعال في حركة الخلايا. ومنذ ذلك الحين، أصبح من الواضح أن Rac هو منظم شامل تقريبا لحركة الخلايا في الخلايا الحيوانية.
وفي التسعينيات، لاحظت أن الشكل المفرط النشاط من بروتين Rac1، والذي يتم التعبير عنه في عدد قليل من الخلايا في حجرة مبيض الذبابة، يدمر الأنسجة بأكملها.
وأوضح المؤلف الرئيسي أبهينافا ميشرا، العالم في مختبر مونتيل المشارك في البحث: “مجرد التعبير عن هذا العنصر النشط في 6 إلى 8 خلايا يقتل الأنسجة بأكملها، والتي تتكون من نحو 900 خلية”.
ومنذ بضع سنوات مضت، بدأت الأدلة تتزايد على تورط آكل الخلايا، المعروف أيضا باسم آكل لحوم البشر، في تدمير الأنسجة.
وهناك خطوة في التطور الطبيعي لبيض الذبابة حيث تستهلك خلايا معينة مشابهة للخلايا الحدودية (مجموعة من الخلايا تهاجر في بيض ذبابة الفاكهة) جيرانها لأنه لم تعد هناك حاجة إليها. وفي الواقع، آكل لحوم البشر الخلوي ليس نادرا كما قد تتوقع، حيث يتم التخلص من الملايين من خلايا الدم الحمراء القديمة من جسم الإنسان بهذه الطريقة في كل ثانية.
الدليل على مرض مناعي نادر يصيب البشر
وفقا للأدلة، فإن الجين Rac2 هو أحد مكونات عملية الأكل المعقدة. وقام الفريق بتتبع طفرة غامضة جعلت جين Rac2 مفرط النشاط في خلايا الدم البشرية لثلاثة مرضى عانوا من إصابات متعددة وتطلبوا عمليات زرع نخاع العظم.
وتسبب تنشيط هذا الجين في نقص المناعة لدى هؤلاء المرضى بسبب عدم وجود الخلايا التائية (نوع أساسي من خلايا الدم البيضاء).
وزرع العلماء بلاعم بشرية (خلايا آكلة للجهاز المناعي) مع Rac2 مفرط النشاط إلى جانب الخلايا التائية ولاحظوا شهية قوية لاستهلاك المزيد من الخلايا التائية.
ثم كرروا الاختبار على الفئران التي لديها نفس طفرة Rac2 المفرطة النشاط وحصلوا على النتائج ذاتها.
وقدمت النتائج لمحة غير متوقعة عن نقص المناعة البشري النادر، حيث وجد المرضى الذين يعانون من طفرة Rac2 مفرطة النشاط أنفسهم خاليين من الخلايا التائية الحيوية.
وخلص العلماء إلى أن التفسير المحتمل لافتقار المرضى إلى الخلايا التائية هو أن هذه الخلايا التائية قد تم التهامها من قبل خلايا مناعية أخرى، مثل الخلايا البلعمية.
تنشيط أكل لحوم البشر الخلوية بشكل انتقائي
باستخدام هذا النهج الجديد، قام الفريق بتنشيط البلاعم لتحسين علاج السرطان الجديد الذي طوره فريق ميغان موريسي، المؤلفة المشاركة للدراسة، المسمى CAR-M، والذي يحفز البلاعم على أكل الخلايا السرطانية بشكل انتقائي.
ويبدو أن تنشيط Rac2 يؤدي أيضا إلى زيادة عدد ما يسمى بـ “الآكلة الفائقة”، وهي الخلايا البلعمية الشرهة التي تأكل وتقتل خلايا سرطانية متعددة.
ويعد هذا المستوى من التحكم إيجابيا جدا لأي علاج محتمل لأنه سيسمح لهجوم البلاعم المعدلة بالتركيز على الخلايا السرطانية.
روسيا اليوم