موجة حر شديدة تجتاح العالم والوفيات قد تكون بالآلاف

مع حلول اليوم الأول من الصيف في النصف الشمالي من الأرض، تجتاح العالم موجات حر شديدة أفضت إلى وفيات قد تكون بالآلاف. ويقول علماء إن موجات الحر ستستمر في التزايد في حال تم تجاهل الانبعاثات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري.

تجتاح موجات حر مهلكة المدن في أربع قارات بالفعل مع حلول اليوم الأول من فصل الصيف في النصف الشمالي من الكرة الأرضية، مما يشير إلى أن تغير المناخ قد يؤدي مرة أخرى إلى ارتفاع درجات الحرارة إلى مستويات قياسية يمكن أن تتجاوز تلك التي تم تسجيلها الصيف الماضي وجعلته الأكثر حرارة منذ 2000 عام.

ويُشتبه في أن درجات الحرارة القياسية التي سُجلت بالفعل في الأيام القليلة الماضية تسببت في وفاة المئات إن لم يكن الآلاف في جميع أنحاء آسيا وأوروبا.

الوفيات قد تكون بالآلاف

ففي السعودية، حيث يختتم ما يقرب من مليوني مسلم مناسك فريضة الحج هذا الأسبوع، لقي مئات الحجاج حتفهم وسط درجات حرارة أعلى من 51 درجة مئوية، وفقا لتقارير من سلطات أجنبية.

وحسب حصيلة لوكالة فرانس استنادًا إلى أعداد وفّرتها حوالي عشر دول عبر بيانات رسمية أو دبلوماسيون منخرطون في عمليات البحث عن الضحايا، ارتفع عدد الوفيات في موسم الحجّ هذا العام إلى 1081، بدون تحديد في معظم الأحيان الأسباب، لكن مصادر تقول إن معظم الوفيات لأسباب مرتبطة بالطقس الحار.

ويشمل العدد 658 مصريًا (بينهم 630 لا يحملون تصاريح للحج)، و183 إندونيسيًا و68 هنديًا و60 أردنيًا و35 تونسيًا و13 من كردستان العراق و11 إيرانيًا و3 سنغاليين و35 باكستانيًا و14 ماليزيًا وسوداني واحد.

وفي الهند، حيث تشهد البلاد ارتفاعا قياسيا في درجات، قال مسؤول بوزارة الصحة الهندية أمس الأربعاء (19 يونيو/ حزيران) إن هناك أكثر من 40 ألف حالة يشتبه في إصابتها بضربة شمس وما لا يقل عن 110 حالات وفاة مؤكدة في الفترة من الأول من مارس آذار إلى 18 يونيو حزيران، عندما سجل شمال غرب وشرق الهند مثلي العدد المعتاد لأيام موجة الحر في واحدة من أطول موجات الحر في البلاد.

وسجلت دلهي أكثر ليلة حرارة في ما يزيد عن 50 عاما، أمس الأربعاء 19 جوان 2024، وأظهرت بيانات الأرصاد أن أقل درجة حرارة جاءت عند 35.2 درجة مئوية.

وقال مركز التنمية الشاملة غير الربحي، وهو منظمة معنية بمساعدة المشردين في الهند، اليوم الخميس 20 جوان 2024، إن موجة الحر قتلت ما يقرب من 200 مشرد في العاصمة نيودلهي، على مدى الأسبوع الماضي.

ومع ذلك، فإن رصد أعداد الوفيات الناجمة عن موجات الحر بدقة أمر صعب. فمعظم السلطات الصحية لا تُرجع الوفيات إلى الحرارة، بل إلى الأمراض التي تتفاقم بسبب ارتفاع درجات الحرارة مثل مشاكل القلب والأوعية الدموية.

وبالتالي، فإن السلطات تحتسب عدد الوفيات المرتبطة بالحرارة بفارق كبير وتتجاهل عادة آلاف إن لم يكن عشرات الآلاف من الوفيات الناجمة عن موجات الطقس الحار.

وكان قد لقي 125 شخصا مصرعهم في المكسيك بسبب الحرارة القياسية، كما عانى آلاف آخرون من ضربات الشمس، خلال نهاية شهر ماي/وبداية شهر جوان.

تأهب في أوروبا وأمريكا

وعانت دول في محيط البحر المتوسط من أسبوع آخر من درجات الحرارة المرتفعة التي ساهمت في نشوب حرائق غابات من البرتغال إلى اليونان وعلى طول الساحل الشمالي لأفريقيا في الجزائر، بحسب الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي الأمريكية.

وتواجه أوروبا، هذا العام، موجة من حالات اختفاء ووفاة سائحين وسط درجات حرارة خطيرة. وقالت الشرطة اليونانية يوم الاثنين إنها عثرت على أمريكي عمره 55 عاما وقد توفي في جزيرة ماثراكي، في ثالث حالة وفاة من نوعها، خلال أسبوع.

وتعاني مناطق في شمال شرق الولايات المتحدة والغرب الأوسط أيضا مما يعرف باسم “القبة الحرارية”، حيث صدرت تحذيرات لأكثر من 86 مليون شخص بسبب الحرارة، اليوم الخميس، وفقا لخدمة الطقس الوطنية الأمريكية.

وتحدث القبة الحرارية عندما يحبس نظام قوي عالي الضغط الهواء الساخن فوق منطقة ما، مما يمنع الهواء البارد من الدخول ويتسبب في بقاء درجات حرارة الأرض مرتفعة.

وبموجب خطة طوارئ لمواجهة الحرارة، قالت مدينة نيويورك إنها ستفتح مراكز التبريد بها لأول مرة، هذا العام.

وأصدرت هيئات الأرصاد أيضا تحذيرا من الحرارة المفرطة في مناطق من ولاية أريزونا، بينها فينيكس، اليوم الخميس (20 جوان 2024) حيث من المتوقع أن تصل درجات الحرارة إلى 45.5 درجة مئوية.

خبراء: موجات الحر ستستمر في التزايد

ذكرت خدمة مراقبة تغير المناخ التابعة للاتحاد الأوروبي أن موجات الحر التي تحدث حاليا تأتي على خلفية 12 شهرا متتاليا شهدت أعلى درجات حرارة على الإطلاق مقارنة بالسنوات السابقة.

وتقول المنظمة العالمية للأرصاد الجوية إن هناك احتمالا بنسبة 86 بالمئة أن تسجل إحدى السنوات الخمس القادمة أعلى درجات حرارة على الإطلاق متجاوزة، عام 2023.

وبينما ارتفعت درجات الحرارة العالمية بشكل عام نحو 1.3 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية، فإن تغير المناخ يغذي درجات الحرارة القصوى الأشد ارتفاعا، مما يجعل موجات الحر أكثر شيوعا وكثافة وأطول أمدا.

ووفقا لفريق دولي من العلماء لدى مجموعة “ورلد ويثر أتريبيوشن” فإن موجة الحر التي كانت تحدث مرة واحدة كل عشر سنوات قبل الثورة الصناعية ستحدث الآن 2.8 مرة كل عشر سنوات، وستكون أشد حرارة بمقدار 1.2 درجة مئوية.

ويقول علماء إن موجات الحر ستستمر في التزايد في حال استمر العالم في إطلاق العنان للانبعاثات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري  الناجمة عن حرق الوقود الأحفوري.

ووفقا لمجموعة ورلد ويثر أتريبيوشن، فإنه إذا ارتفعت درجات الحرارة العالمية بمقدار درجتين مئويتين فوق مستواها الحالي، ستحدث موجات الحر 5.6 مرة كل عشر سنوات في المتوسط، وستكون أشد حرارة بمقدار 2.6 درجة مئوية.

 

 

(رويترز، أ ف ب)

Comments are closed.