
عقدت لجنة الصحة وشؤون المرأة والأسرة والشؤون الاجتماعية وذوي الإعاقة أمس الخميس 10 أفريل 2025 جلسة إستماع الى كنفدرالية المؤسسات المواطنة التونسية.
وأكّد رئيس المنظّمة، في مفتتح الجلسة على دعم كنفدرالية المؤسّسات المواطنة التونسية ومساندتها المبدئية لمشروع هذا القانون الذي يأتي إستجابة لدعوة رئيس الجمهورية إلى وضع حد لجميع أشكال التشغيل الهش وتكريس الحق في العمل اللائق بأجر عادل، كما نصّ عليه الفصل 46 من الدستور.
وإعتبر رئيس المنظّمة، أنّ المشروع المعروض يُعدّ أهم إصلاح يدخل على مجلّة الشغل منذ سنة 1966 بإعتباره سيؤثّر على أنماط عقود الشغل وعلى العلاقات المهنية عامة مُضيفا، أنّ هذه المساندة المبدئية تنبع من إيمان الكنفدرالية بمبادئ المواطنة والمشاركة البنّاءة في مسار وضع القوانين والسياسات الإقتصادية والإجتماعية في بلادنا، مؤكّدا أنّ المشروع يتعدّى البعد التقني ليكون أداة لتكريس الحوار الإجتماعي بما يمكّن في ذات الوقت من تأمين القدر الأفضل لحقوق العمال والذود على المؤسسات الاقتصادية والرفع من قدراتها التنافسية.
ولاحظ في السياق ذاته، أنّه كان من الأفضل أن تسبق المشروع إستشارة على أوسع نطاق مع مختلف المنظمات الممثلة للعمال وأصحاب العمل وكذلك دراسة تقييم إثر ذلك، خاصة وأنّ تونس صادقت على عديد الاتفاقيات الدولية في هذا الشأن والتزمت من خلالها بالتفاوض الإجتماعي و المشاورات، إضافة الى تنصيص قانون المجلس الوطني للحوار الاجتماعي على وجوبية استشارة المجلس في مشاريع القوانين والاوامر ذات العلاقة بالشغل والحماية الاجتماعية.
وتقدّم ممثّلو المنظمة بجملة من التعديلات على نص المشروع من أهمها طلب التوسّع في قائمة الاستثناءات موضوع الفصل 6-4 فقرة أولى بإضافة حالة رابعة منصوص عليها بالفصل في صيغته الأصلية وتتمثل في “الأشغال الأولى لتركيز المؤسسة”، وذلك بغاية تحفيز الاستثمار، وحالة خامسة تسمح بانتداب العاطلين عن العمل المسجلين بمكاتب التشغيل بعقود محددة المدة بغية تحفيز تشغيل الشباب، مع تحديد مدّة العقد في كلا الحالتين بسنتين على الأكثر بما في ذلك فترات التجديد.
وبالنسبة لفترة التجربة فيقترح الإبقاء على المدد المعمول بها حاليا، وهي ستة أشهر لأعوان التنفيذ وتسعة لأعوان التسيير وسنة للإطارات، مع قابلية التجديد مرة واحدة، وإمكانية إنهاء تلك الفترة في كل وقت شرط التنبيه على الطرف الآخر قبل 15 يوما بأي وسيلة تترك أثرا كتابيا، لأن ذلك يترك مجالا هاما للمؤجّر لتقييم سلوك العون وتفانيه في العمل واستعداده للتفاعل الإيجابي مع متطلّبات العمل بالمؤسسة خاصة إذا كان من ضمن الإطارات.
وفيما يتعلّق بالمناولة، تمّ التأكيد أن الكنفدرالية ترحب بمنع مناولة اليد العاملة لكنها تعبّر عن تحفظها بخصوص العقوبات السجنية التي أقرها المشروع في الفقرة الأخيرة من الفصل 29 باعتبار أن المؤجر شريك اجتماعي ولا يجوز معاملته كخارج عن القانون، مع اقتراح الاقتصار على عقوبات مالية فقط يمكن أن يقع الترفيع في قيمتها تناسبا مع المخالفات الممكن ارتكابها.
كما تقدّم ممثّلو المنظمة بجملة من المقترحات التعديلية الأخرى على غرار تعديل أحكام الفصل السادس من المشروع بإبقاء عقود الشغل محدّدة المدة السارية في تاريخ دخول النص الجديد حيز النفاذ خاضعة لمقتضيات النص القديم، وتعديل الفقرة 2 من الفصل التاسع بخصوص مبلغ الغرامة المستحقة من الأجير الذي له أقدمية 4 سنوات أو أكثر في صورة مماطلة المؤسسة المستفيدة في ترسيمه لتصبح بين أجرة شهر وأجرة شهرين عن كل سنة أقدمية على ألا يقل مبلغها عن أجرة أربعة أشهر، كما اشاروا الى ضرورة توضيح بعض العبارات الغامضة الواردة في هذا المشروع مثل عبارة “خدمات أو أشغال تتطلب معارف مهنية أو تخصصا فنيا” الواردة بالفصل 30.
وأثناء النقاش، ثمّن النواب مساندة الكنفدرالية لمشروع القانون، متفاعلين إيجابيا مع بعض مقترحات التعديل على غرار ضرورة السماح للمؤسسات في طور التكوين أو في المراحل الأولى من نشاطها بالإنتداب عبر العقود محددة المدة ملاحظين أن “القيام بالأشغال الأولى لتركيز المؤسسة أو بأشغال جديدة” هي من ضمن الحالات المنصوص عليها بالفصل 6-4 النافذ حاليا ولا مبرر لإلغائها.
كما أكّدوا في السياق ذاته، ضرورة التعمّق في مختلف جوانب المشروع حتى يكون النص النهائي عمليا و قابلا للتطبيق ويساهم في تطوير العلاقات الشغلية ويضمن في الآن نفسه حقوق الأجراء وديمومة مواطن الشغل مع التحفيز على الاستثمار الذي يخلق بدوره مواطن شغل جديدة.
وفي ختام الجلسة، جدّد النواب تأكيد أهمية المقترحات التي تم التقدم بها، وأهمية الإستماع إلى ممثلي مختلف القطاعات الاقتصادية من أجل ضمان جودة النص التشريعي ونجاعته، سواء بالنسبة للأجراء من حيث طابعه الحمائي أو بالنسبة للمؤسسات من حيث سياسة الدولة الهادفة إلى تشجيعها على الإستثمار والمحافظة على ديمومتها.