أبطال معركة الجلاء ببنزرت و الشهيد الحي في المعركة

ب
العريف محمد بن خميس بن سالم أحد أبطال معركة الجلاء ببنزرت و الشهيد الحي في المعركة …كلف من قبل القيادة و العامة و آمر الحرس الوطني محجوب بن علي بنقل السلاح و العتاد و الذخيرة بين من تونس العاصمة إلى تخوم مدينة بنزرت و جبالها و أغوارها أين ترابط كتائب الحرس الوطني و الجيش التونسي وذلك في مهام تنكرية و شاحنات خفيفة معدة للتزود بالخضر و الغلال و كان بالتالي يمثل دور تاجر الجملة الذي يزود مدينة بنزرت بمؤونتها و غذائها مع الاذن بالتنقل و المرور ….مهمة خطيرة و انتحارية و عرضته في أكثر من مناسبة للتفتيش من قبل فيالق الجيش الفرنسي و في خطوط التماس مع العدو و ان كان يفلت كل مرة إلا أنه كان محل رقابة من كل فصيل للعدو يقوم بتفتيشه و لا يجد عنده شيئا و يمر منه و الحال أن العربات مدججة بالأسفل بالسلاح لنصرة أبطال الجبال من مقاومينا و حرسنا و جيشنا هذا دون أن ننسى القصف الجوي العنيف لطائرات العدو و التي لا تفرق بين الأخضر و اليابس و بين الراكب و المترجل خصوصا و أن الشاحنة التي يقودها العريف محمد بن سالم تتردد باستمرار بين تونس و بنزرت في الايام الاربع للمعركة بين 19 و 23 جويلية 1961 هذا ما جعل الشاحنة تكون محل قصف مستمر من الغطاء الجوي الفرنسي لكنها كانت تفلت كل مرة بأعجوبة ….و في احدى المهام العسكرية الليلية الخطرة نادى الأميرالاي محجوب بن علي العريف الصغير و الفتي و كلفه بمأمورية في غاية الخطورة لنقل السلاح بجبل الناظور على تخوم بنزرت و راهنه أنه لن يعود حيا نظرا لصعوبة المهمة و طلب منه الالتحاق فورا بالقيادة العامة في أي وقت من الليل أثناء اتمام المأمورية ….تسلح العريف الشاب بحب وطنه و حمل روحه على كفه و نطق الشهادتين و انطلق في مهمته و مر على خطوط التماس مع العدو الفرنسي مع التفتيش المعتاد و في احدى الدوريات و بعد أن سلمهم الاذن بالجولان و قلبوا الشاحنة تقليبا كالعادة الا أنهم لم يأمنوا جانبها وواصلوا مراقبتها عن بعد الى ما يقارب كيلومترات قليلة من الجبل مما اضطر العريف محمد بن سالم الى اسكات محرك الشاحنة و دفعها دفعا بيديه و هو يصعد الطريق الجبلي لقمة الجبل كل ذلك في كنف السرية التامة و الخوف من اقتفاء الاثر من الفرنسيين الذين واصلوا متابعته وواشعال الاضواء الى نقطة قريبة من الجبل ثم أطفاوها و عادوا أدراجهم ليواصل الجندي الصغير مهمته بنجاح و يصل المغارة في اعلى الجبل و هو يجر شاحنته الخفيفة جرا و يقوم بايصال السلاح لابطالنا فيه ثم عاد أدراجه ليصل الى القيادة العامة في حدود الساعة الرابعة صباحا ..و ليدخل العريف الصغير و الشاب لمكتب قائده محجوب بن علي آمر الحرس الوطني و يبشره بنجاح المهمة و بأنه ربح الرهان و عاد حيا فما كان من القائد الاعلى لقوات الحرس الوطني الا أن ينهض و يؤدي التحية العسكرية لعريفه الصغير و الاقل منه رتبة و درجة قائلا …يعطيك الصحة يا بن سالم ما كنتش عاطيك امل ترجع حي ….نعم هذا ما عاناه الرجال في سبيل استقلال تونس و منعة ترابها ….و هذه أحد بطولات جنودنا البواسل …إنه والدي المرحوم محمد بن سالم أحد أبطال معركة الجلاء ببنزرت الذين لا يعرفهم الاعلام رحم الله والدي و شهداءنا الأبرار.
قلم القاضي حمدي بن سالم

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*